طلقها زوجها الأول وقد أصيبت بمرض الهربس ، ولا تريد نقل العدوى بزواجها من آخر
أنا مطلقة منذ خمسة أعوام، ولي طفل واحد. وقد أصبت بمرض جلدي في منطقة العانة (هربس2)، ولم أقم أبدأ بمارسة العملية الجنسية مع أحد غير زوجي السابق، الذي يرفض الاعتراف بأنه هو من نقل إلي المرض، والله وحده يعلم حقيقة الأمر. وأنا أرغب في استكمال حياتي مع زوج آخر، ولكني أصبحت مؤمنة أنني لأن أستطيع الزواج مرة أخرى كي لا أنقل العدوى لرجل آخر، حتى وإن كنت أنا أو هذا الشخص على درجة من الخيرية. وأشعر أنه من غير العدل أن أكون في هذا الموقف.
أشعر وكأنني اقترفت خطأً ما وأن الله سبحانه وتعالى يعاقبني . فما الذي يمكنني أن أفعل كي أستطيع التعايش مع ظروف حياتي؟
الجواب
الحمد لله.
أولا :
ليس من الصواب أن يكون كل بلاء يمر بالإنسان هو عقاب من الله تعالى على ذنب قد وقع
فيه ، بل ربما كان هذا البلاء منحة من الله له ، أراد أن يرفع بها درجته في الجنة ،
أو يكفر عنه خطايا وقع فيه ، ليلقى الله تعالى نظيفا من هذه الذنوب في الدنيا .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ : ( لَا يَزَالُ الْبَلَاءُ بِالْمُؤْمِنِ أَوْ الْمُؤْمِنَةِ فِي
جَسَدِهِ وَفِي مَالِهِ وَفِي وَلَدِهِ حَتَّى يَلْقَى اللَّهَ وَمَا عَلَيْهِ مِنْ
خَطِيئَةٍ ) .
رواه أحمد (7799) وصححه الألباني .
وينظر جواب السؤال رقم (35914) ورقم
(72265) .
ثانيا :
ما قدره الله عليك من هذا المرض عليك أولا أن تصبري على تقدير الله لك ذلك ، بل
اللائق بالمؤمن العاقل أن يرضى بقضاء الله وقدره ، ويعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه
، وما أخطأه لم يكن ليصيبه ، ليكون صبره ورضاه سببا في طمأنينة قلبه وانشراحه
وهدايته ، وبلوغ الأجر من الله .
ثم ليس عليك الآن أن تشغلي بالك كثيرا : هل جاءك هذا المرض بسبب اتصالك بزوجك ، أو
قدره الله تعالى عليك بغير ذلك من الأسباب ، بعد أن تكوني بينك وبين ربك على يقين
بأنك لم تقترفي ذبنا مع أحد ، فمن الممكن أن ينتقل ذلك المرض إليك لسبب آخر ،
تعلمينه ، أو لا تعلمينه .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَا عَدْوَى وَلَا صَفَرَ وَلَا هَامَةَ ) . فَقَالَ
أَعْرَابِيٌّ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، فَمَا بَالُ إِبِلِي تَكُونُ فِي الرَّمْلِ
كَأَنَّهَا الظِّبَاءُ فَيَأْتِي الْبَعِيرُ الْأَجْرَبُ فَيَدْخُلُ بَيْنَهَا
فَيُجْرِبُهَا ؟!
فَقَالَ : ( فَمَنْ أَعْدَى الْأَوَّلَ ؟!) . رواه البخاري (5717) ومسلم (2220) .
وليس المراد بذلك نفي انتقال المرض من شخص إلى شخص عن طريق العدوى ؛ وإنما المراد
نفي ما كان أهل الجاهلية يعتقدونه من تأثير العدوى في نقل الأمراض بنفسها ، تأثيرا
لزوميا من غير نظر إلى قدر الله تعالى ومراده ، فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك
الاعتقاد بلفت أنظارهم إلى أول شخص أصيب بذلك المرض ، كيف انتقل إليه ، وليس هناك
عدوى في ذلك الوقت .
ينظر : شرح صحيح مسلم للنووي (14/213) ، مفتاح دار السعادة ، لابن القيم (2/269) .
والحاصل :
أنه قد يكون انتقال المرض إليك عن طريق زوجك ، كما تقولين ، وقد لا يكون هو مصابا
بذلك ، ونزل بك لسبب آخر ، الله أعلم به .
وإنما الذي عليك الآن أن تسعي في علاج ذلك الداء ، بكل ما استطعت ، وهو ممكن إن شاء
الله ، إذا راجعت أهل العلم به والاختصاص فيه ، وسوف يكون بإمكانك ـ حينئذ ـ أن
تعيشي حياتك الزوجية بصورة طبيعية ، حتى ولو تطلب منك الأمر ـ دائما ، أو في بعض
الأوقات ـ بعض الإجراءات الاحترازية .
نسأل الله تعالى أن يمن عليك بالشفاء والعافية ، وأن يرزقك الزوج الصالح الذي يعفك
، ويبارك لكما .
والله أعلم .