تركت العمل المختلط ووالدها يتهمها بقصور العقل
تركت العمل بمدرسة إعدادية مختلطة إرضاء لربى ، وعملا بقوله تعالى :(وقرن في بيوتكن) ولكن واقع هذا الأمر على والديّ غير مقبول ولا يقدرون مدى خطورة هذا الاختلاط علي ، سواء في المدرسة والمواصلات ، وقد قلت لهم ذلك ، ولكنهم يتهمونني بقصر العقل ، ولا زالوا يريدون منى الرجوع للعمل ، وما زالوا يضيقوا علي كثيرا بصفة مستمرة ، ويربطون ذلك بالزواج؛ أي الزوج لا يأتي إلا لمن تعمل ، وأنا أعلم جيدا أن ذلك رزق ، ومن شدة مضايقتهم لي أكاد أن أعق والديّ برفع الصوت وغير ذلك ، وأنا بشر أحيانا أعاملهم بالصبر وأحيانا لا أتمالك ، وفى النهاية لأرضيهم ، قلت لهم : ابحثوا لي عن عمل غير مختلط ، وأنا موافقة . فأرجو توجيهكم ونصيحتكم ودعاءكم ، بارك الله فيكم .
الجواب
الحمد لله.
العمل المختلط الذي يختلط فيه الرجال بالنساء ، عمل محرم ، وقد سبق بيان الأدلة على
تحريم الاختلاط من الكتاب والسنة في جواب السؤال رقم : (1200)
.
ومفاسد العمل المختلط لم تعد خفية ، فقد ضج منها العالم كله ، حتى المجتمعات
الغربية التي عملت على إدخاله وتقنينه في الدول الإسلامية .
فكثير من حالات الطلاق ، وكثير من الجرائم الأخلاقية كان سببها العمل المختلط .
وكل إنسان عاقل سوي الفطرة صادق مع نفسه يعلم تأثير هذا العمل عليه ، وإذا كان
الأمر كذلك ، فلا يجوز للأب ولا لغيره أن يكره ابنته على العمل المختلط ، لأنه بذلك
يأمرها بمعصية الله ، ويكرهها عليها ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : (لَا
طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ) رواه
البخاري (7145) ومسلم (1840) .
بل الواجب عليه أن يمنعها من هذا العمل إذا كانت هي التي تريده ، وبهذا أفتى علماء
اللجنة الدائمة للإفتاء ، كما في جواب السؤال رقم : (45905)
.
وترك المرأة للعمل المختلط ، أو بالأحرى : ترك معصية الله ، دليل على كمال العقل ،
ورجاحته ، فأكمل الناس عقولاً هم من أطاعوا الله تعالى ، وينقص من عقل الإنسان
بمقدار معصيته لله ، ولذلك سيقول أهل النار وهم فيها : (وَقَالُوا لَوْ كُنَّا
نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ) الملك/10 .
وأما موضوع الزواج ، فهو كما ذكرت .. رزق قدره الله تعالى ، وسوف يأتي لكل إنسان ما
قدره الله له ، ولا يجوز للمسلم أن يطلب رزق الله بمعصيته .
فعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنهما قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (أَيُّهَا النَّاسُ ، اتَّقُوا اللَّهَ ،
وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ ، فَإِنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ
رِزْقَهَا ، وَإِنْ أَبْطَأَ عَنْهَا ، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي
الطَّلَبِ ، خُذُوا مَا حَلَّ ، وَدَعُوا مَا حَرُمَ) رواه ابن ماجه (2144) وصححه
الألباني في "صحيح سنن ابن ماجه" .
وإذا كان هناك من يختار الزوجة الموظفة ولو كانت في عمل مختلط ، فهناك الآلاف الذين
يطيعون الله ورسوله ، ويختارون الزوجة المطيعة لربها التي تركت الاختلاط وجلست في
بيتها .
وإذا وجد العمل المباح الذي لا اختلاط فيه ، فلا حرج عليك من قبوله .
وينبغي أن تصبري وتحسني معاملة والديك ولو أساؤوا إليك ، وإن بدر منك شيء من
الإساءة إليهم فبادري بالتوبة والاعتذار .
ونسأل الله تعالى أن يهديك سواء السبيل وييسر لك أمرك .
والله أعلم