في مسجد الحي عندنا هنا في " النرويج " يوجد على الجدار أمام المصلين لوحتان كبيرتان معلقتان ، الأولى مكتوب عليها اسم الله تعالى ، والثانية مكتوب عليها اسم النبي صلى الله عليه وسلم ، فما رأي الشرع في مثل هذه اللوحات والتي تُعلق أمام المصلين فتشغلهم عن صلاتهم ؟ .
الحمد لله.
أولاً:
يُكره أن يوضع في قبلة المسجد ما يمكن أن يُلهي المصلين بالنظر إليه في صلاتهم ، ويدل على ذلك أحاديث ، منها :
1. عَنْ أَنَسٍ قال : كَانَ قِرَامٌ لِعَائِشَةَ سَتَرَتْ بِهِ جَانِبَ بَيْتِهَا فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ( أَمِيطِي عَنَّا قِرَامَكِ هَذَا فَإِنَّهُ لاَ تَزَالُ تَصَاوِيرُهُ تَعْرِضُ فِي صَلاَتِي ) .
رواه البخاري ( 367 ) .
( قرام ) ستر رقيق من صوف ذو ألوان ونقوش ، ( أميطي ) أزيلي ( تعرض ) تلوح .
2. عن عُثْمَان بن طلحة قال : إِنَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَا بَعْدَ دُخُوله الكعبة فقَالَ : ( إِنِّي نَسِيتُ أَنْ آمُرَكَ أَنْ تُخَمِّرَ الْقَرْنَيْنِ فَإِنَّهُ لَيْسَ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ فِي الْبَيْتِ شَيْءٌ يَشْغَلُ الْمُصَلِّي).
رواه أبو داود ( 2030 ) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .
والقرنان هما قرنا الكبش الذي فدى الله به إسماعيل عليه السلام ، والتخمير " التغطية .
عون المعبود شرح سنن أبي داود (6 / 9) .
وقد بوَّب مجد الدين ابن تيمية رحمه الله في كتابه "منتقى الأخبار" على الحديثين بقوله " باب تنزيه قبلة المسجد عما يلهي المصلي " .
قال الشوكاني – رحمه الله – في شرحه :
"والحديث يدل على كراهة تزيين المحاريب وغيرها مما يستقبله المصلي بنقش أو تصوير أو غيرهما مما يلهي ، وعلى أن تخمير التصاوير مزيل لكراهة الصلاة في المكان الذي هي فيه ، لارتفاع العلة وهي اشتغال قلب المصلي بالنظر إليها"انتهى من" نيل الأوطار " ( 2 / 173 ) .
وانظر جوابي السؤالين ( 127987 ) و ( 150177 ) .
ثانياً:
اعلم أخي السائل أن ما يضعه كثير من الناس من لوحات أو آنية يُكتب على واحد منها لفظ الجلالة " الله " وبجانبه آخر يُكتب عليه " محمد " : أن ذلك غير جائز ولا يحل فعله ، ولا تعلق لهذا المنع بزخرفة قبلة المسجد ، بل هو ممنوع في المساجد وفي البيوت والسيارات وفي غيرها .
قال علماء اللجنة الدائمة :
" لا تجوز كتابة اسم الجلالة ( الله ) وكتابة ( محمد ) اسم الرسول صلى الله عليه وسلم محاذياً له في ورقة أو في لوحة أو على جدار ؛ لما يتضمنه هذا العمل من الغلو في حق الرسول صلى الله عليه وسلم ومساواته بالله ، وهذا وسيلة من وسائل الشرك ، وقد قال عليه الصلاة والسلام ( لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم ، إنما أنا عبد ، فقولوا : عبد الله ورسوله ) – رواه البخاري – ، والواجب منع تعليق هذه اللوحات أو الورقات ، وطمس الكتابات التي على الجدران التي على هذا الشكل ؛ حماية للعقيدة ، وعملا بوصية الرسول صلى الله عليه وسلم ".
الشيخ عبد العزيز آل الشيخ ، الشيخ صالح الفوزان ، الشيخ عبد الله بن غديان .
" فتاوى اللجنة الدائمة " المجموعة الثانية ( 1 / 169 ، 170 ) .
وسئل الشيخ محمد بن صالح العثيمين – رحمه الله - :
ما رأيكم في البطاقات واللوحات سواء الورقية أو المصنوعة من الخيوط والتي يكتب عليها لفظ الجلالة مقروناً باسم النبي عليه الصلاة والسلام " الله محمد " ؟ .
فأجاب :
"هذه المسألة كثرت في الناس على أوجه متعددة ، ووضع لفظ الجلالة وبجانبه اسم الرسول عليه الصلاة والسلام : لا يجوز ، وقد قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم " ما شاء الله وشئت " فقال النبي صلى الله عليه وسلم ( أجعلتني لله نِدّاً بل ما شاء الله وحده ) – رواه ابن ماجه وهو حديث صحيح - .
وإذا كان الهدف من تعليق لوحه عليها اسم النبي صلى الله عليه وسلم من قبيل التبرك : فهذا غير جائز أيضاً ؛ لأن التبرك إنما يكون بالتزام سنَّة النبي صلى الله عليه وسلم ، والاهتداء بهديه "انتهى من" فتاوى إسلامية " ( 4 / 479 ، 480 ) .
والله أعلم