الحمد لله.
ثانياً :
أن معرفة هذا مما لا يخفى على عموم الناس ، وما اشتهر وذاع بين الناس لا يعذر أحد
بجهله ، " وَلاَ تُقْبَل دَعْوَى الْجَهْل فِي الأْمورِ الْمُشْتَهِرَةِ بَيْنَ
النَّاسِ ".
انتهى من " الموسوعة الفقهية " (16/200).
قال جلال الدين السيوطي : " كلُّ من جهل تحريم شيء مما يشترك فيه غالب الناس لم
يُقبل ، إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام ، أو نشأ ببادية بعيدة يخفي فيها مثل ذلك "
انتهى من "الأشباه والنظائر" (صـ 357).
ثالثاً :
" أن الْجَهْل وَالنِّسْيَان يُعْذَرُ بِهِمَا فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى في
الْمَنْهِيَّاتِ دُونَ الْمَأْمُورَاتِ " ، انتهى من " المنثور في القواعد "
للزركشي (2/3).
وقال الشيخ ابن عثيمين : " ترك المأمور لا يعذر فيه الإنسان بالجهل أو النسيان ،
وفعل المحذور يعذر فيه الإنسان بالجهل أو النسيان ، وهذه قاعدة مقررة عند أهل العلم
دل عليها كتاب الله ، وسنة رسوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ".
انتهى من " مجموع فتاوى الشيخ" (12/399).
ولذلك أفتى الشيخ من أكل لحم إبل دون أن يعلم أن هذا لحم إبل ، بأنه يقضي الصلوات
التي صلاها بعد أكل لحم الإبل .
ينظر: "شرح منظومة القواعد والأصول" لابن عثيمين (صـ90).
رابعاً :
أنه " لا فرق في الجهل : بين الجاهل بالحكم ، والجاهل بالوصف ".
انتهى من " شرح منظومة القواعد والأصول" لابن عثيمين (ص 152).
ومن الأسئلة الموجهة للجنة الإفتاء بالمملكة : أنا امرأة تزوجت منذ سبعة عشر عاماً
، وكنت في بداية زواجي أجهل بعض بل كل أحكام الغسل من الجنابة ؛ لجهلي بالأمور
المسببة للجنابة وكذلك زوجي ، وهذا الجهل ينحصر منا في أن الجنابة لا تكون إلا على
الزوج فقط ... فماذا علي أن أعمل بالنسبة للصلوات التي صليتها أثناء هذه الفترة ،
علما بأنني أغتسل بنية النظافة وليس لرفع الحدث ...
فكان الجواب : " يجب عليك قضاء الصلوات التي صليتها بدون غسل من الجنابة لتفريطك
وعدم تفقهك في الدين ، وعليك مع القضاء التوبة إلى الله من ذلك ".
انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء " (6/197).
وبناء على ما سبق :
فيلزمك قضاء جميع الصلوات التي صليتها دون طهارة ، وعليك الاجتهاد في تقديرها
بالتقريب ، مع العلم أن الأغسال التي كنت تغتسلها دون نية رفع الجنابة لا ترفع
الحدث ، واحرص على الإكثار من النوافل ، عسى الله أن يجبر بها ما فاتك من نقص في
الأيام الماضية .
والله أعلم .