كنت متزوجة ولدي طفلة من زوجي الأول، ثم طلقني وتزوجت برجل أخر، ولكني وقبل أن أتزوج بزوجي الحالي كنت أبيّت النية أنني سأتطلق منه لكي أعود الى زوجي الأول لأنني أحبه ولا أطيق العيش بعيدة عنه.. فهل يمكنني أن أطلّق زوجي الحالي وأعود الى زوجي الأول؟ مع العلم أني حاولت قدر المستطاع أن أتناساه وأن لا تساورني مثل تلك النوايا ولكني لا أملك قلبي..! كما أني ايضاً لم أتفق مع زوجي الحالي على الطلاق، وإنّما جعلت ذلك في قلبي.. وهل كوني غير سعيدة معه يسوّغ لي الانفصال عنه؟
الحمد لله.
إذا طلق الرجل زوجته ثلاثاً لم تحل له حتى تنكح زوجاً آخر ، نكاح رغبة لا نكاح تحليل ، ثم يفارقها ؛ لقوله تعالى : (فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ) البقرة/230 .
وروى أبو داود (2076) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ) .
وصححه الألباني في سنن أبي داود .
وإذا تزوجت المطلقة من ثانٍ وفي نيتها أن تطلق منه لتعود إلى الأول ، ففي ذلك خلاف بين الفقهاء ، فمنهم من جعل ذلك من التحليل المحرم ، ومنهم من قال إن نيتها لا تؤثر .
وينظر جواب السؤال رقم : (131290) .
وأنت الآن زوجة لرجل مسلم له حقه وحرمته ، ولا يجوز خداعه أو ظلمه ، كما لا يجوز لك طلب لطلاق أو الخلع إلا عند وجود السبب الذي يبيح ذلك ؛ لما روى أبو داود (2226) والترمذي (1187) وابن ماجه (2055) عَنْ ثَوْبَانَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقًا فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّة ) والحديث صححه الألباني في صحيح أبي داود .
والبأس : هو الأمر والسبب الملجئ للطلاق ، كسوء عشرة الرجل ، وفسقه وانحرافه .
وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه مرفوعا: (إن المختلعات هن المنافقات) رواه الطبراني في الكبير (17/339) وصححه الألباني في صحيح الجامع (1934) .
والمراد : من طلبت من زوجها الخلع بدون عذر شرعي يبيح لها ذلك .
ومن الأسباب التي تبيح طلب الخلع : ما لو كرهت المرأة الزوج ، ولم تستطع أن تعطيه حقه ، أو خشيت ألا تفعل ذلك فتكون كافرة للعشير ؛ لما روى البخاري (4867) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ أَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلا دِينٍ ، وَلَكِنِّي أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : (أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ ؟ قَالَتْ : نَعَمْ . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : اقْبَلْ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً).
قال الشيخ ابن جبرين رحمه الله في بيان ما يسوّغ طلب الخلع : " إذا كرهت المرأة أخلاق زوجها كاتصافه بالشدة والحدة وسرعة التأثر وكثرة الغضب والانتقاد لأدنى فعل والعتاب على أدنى نقص فلها الخلع .
ثانياً : إذا كرهت خِلقته كعيب أو دمامة أو نقص في حواسه فلها الخلع .
ثالثاً : إذا كان ناقص الدين بترك الصلاة أو التهاون بالجماعة أو الفطر في رمضان بدون عذر أو حضور المحرمات كالزنا والسكر والسماع للأغاني والملاهي ونحوها فلها طلب الخلع.
رابعاً : إذا منعها حقها من النفقة أو الكسوة أو الحاجات الضرورية وهو قادر على ذلك فلها طلب الخلع .
خامساً : إذا لم يعطها حقها من المعاشرة المعتادة بما يعفها لعُنّة ( عيب يمنع القدرة على الوطء) فيه ، أو زهد فيها ، أو صدود إلى غيرها ، أو لم يعدل في المبيت فلها طلب الخلع ، والله أعلم " انتهى .
وينظر جواب السؤال رقم : (1859) .
فإذا وجد شيء من هذه الأسباب جاز لك طلب الخلع ، وتردين عليه مهره .
وإذا لم بوجد منها شيء حرم عليك طلب الطلاق أو الخلع ، ووجب أن تؤدي حق زوجك ، وألا تؤذيه بقول أو فعل ، وعليك حينئذ الصبر وتناسي أمر زوجك الأول ، ولعل ما أنت فيه خير ونعمة لك ، قال تعالى : ( وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) البقرة/216 ، وقال سبحانه : ( فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ) النساء/19 .
والله أعلم .