الحمد لله.
وعليه ، فلا يجوز إقامة مسابقات الغناء
، ولا بذل الأموال في ذلك من المتصل أو الشركة ، ولا إعانتهم بإعطائهم أرقام
الاتصال ونحو ذلك من صور الإعانة ؛ لقوله تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ
وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ
إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة/2.
وقال صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَراً فَلْيُغَيِّرْهُ
بِيَدِهِ ، فَإِن لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ
فَبِقَلْبِهِ ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ ) رواه مسلم (49).
فكيف بمن لا ينكر ، بل يعين على المنكر.
وقال صلى الله عليه وسلم : ( مَنْ دَعَا إِلَى هُدًى كَانَ لَهُ مِنْ الأَجْرِ
مِثْلُ أُجُورِ مَنْ تَبِعَهُ ، لا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا ،
وَمَنْ دَعَا إِلَى ضَلالَةٍ كَانَ عَلَيْهِ مِنْ الإِثْمِ مِثْلُ آثَامِ مَنْ
تَبِعَهُ ، لا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ آثَامِهِمْ شَيْئًا ) أخرجه مسلم في صحيحه
(4831).
ولذلك فالواجب أن تمتنع عن المشاركة في إصدار هذه الأرقام ، لأنه عمل محرم ، وما يقابله من الراتب محرم كذلك ، وتخلصك من هذا القدر فيه فائدة التخلص من المال الحرام ، لكن يبقى إثم العمل ، لا سيما وهو عمل يتعدى ضرره للآخرين ، وفيه نشر للشر وتكثيرٌ له .
ثانيا :
لا يستدل بالاستخارة على إباحة العمل المحرم ، فقد يختار الله للعبد وظيفة معينة ،
يبتلى فيها بشيء من الحرام ، فيتركه لله ، فيعوضه الله خيرا منه ، ويزيده سبحانه
إيمانا وثباتا وتوكلا ، فيكون سوقه للعمل المحرم أو لما فيه حرام خيراً له ، وقد
يسوقه لهذا العمل ليكون بداية يقظة له ، فيسأل ويعلم ، ويتوب ويراجع ، ويُفتح له
باب من الخير لم يكن منتبها له ، وبالجملة فهذا من الغيب الذي لا يعلمه العبد ،
والواجب عليه أن يقف عند حدود ما يعلم ، فلا يرتكب الحرام اعتمادا على تيسير العمل
.
ولهذا نص العلماء على أن الاستخارة لا تكون في الأمور المحرمة أو المكروهة ، فلو أن
راغب الحرام استخار فيه ، ثم سهلت له أسبابه ، لم يكن ذلك نافعا له ، بل هو بذلك
يخادع نفسه ويضلها ؛ لأن الله تعالى حدّ حدودا وشرع شرائع لا يجوز تجاوزها ، كما
قال تعالى : ( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ
اللَّهُ آَيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ) البقرة/187.
قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري"
(11/184) في شرح حديث الاستخارة : "قال بن أبي جمرة : فإن الواجب والمستحب لا
يستخار في فعلهما ، والحرام والمكروه لا يستخار في تركهما فانحصر الأمر في المباح
وفي المستحب إذا تعارض منه أمران أيهما يبدأ به ويقتصر عليه .
قلت (الحافظ) : وتدخل الاستخارة فيما عدا ذلك في الواجب والمستحب المخير وفيما كان
زمنه موسعا" انتهى .
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد .
والله أعلم .