الحمد لله.
ثانياً:
من أعظم ما يقع بسببه الاعتداء الجنسي على الأطفال وغيرهم هو ترك الالتزام بتعاليم
الشرع في الوقاية من هذا الفعل ، وقد أثبتت بعض الدراسات أن ما نسبته 75 % من
المعتدين الجنسيين هم من الأقارب كأب وأخ وعم وخال ، وفي موقعنا هذا تجد شكاوى
التحرشات الجنسية من الوالد والجد والأخ والخال ، كما أن نسبة كبيرة من المعتدين هم
من أقارب الزوج أو أقارب الزوجة ، وقد جاءت الشريعة المطهرة بأحكام تقي المسلم من
تعرضه لاعتداءات جنسية سواء باللفظ أو بالفعل ، ومن ذلك :
1. الأمر بالتفريق بين الأولاد في الفراش عند النوم .
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أولياء الأمور بالتفريق في المضاجع بين أولادهم
ذكوراً وإناثاً إذا بلغوا سن العاشرة ؛ لما في ذلك من الوقاية لهم من الاطلاع على
العورات وملامستها ، وخاصة أن وقت النوم وقت راحة ويكون في الليل ، وهما مهيجان
للشهوة .
وانظر جواب السؤال رقم ( 148242 )
وفيه نقل مهم عن ابن عابدين الحنفي الذي توفي عام 1252 هـ وفيه يقول إن أطفال زمانه
يعرفون الفسق أكثر من الكبار ! فماذا يقول لو رأى أطفال زماننا ؟! .
2. الاهتمام بلباس البنات أن لا يكون قصيراً ولا ضيِّقاً ولو كان ذلك أمام إخوانهن
وأقاربهن ، والاهتمام بالصحبة الصالحة ومتابعة أحوالهم - ذكوراً وإناثاً – ولو
كانوا عند أقارب لهم .
وانظر جواب السؤال رقم ( 103526 )
.
3. تعليم الأولاد مسائل الاستئذان والنظر والعورة وغير ذلك مما يتعلق بآداب الخلطة
والمعاشرة .
وانظر جواب السؤال رقم ( 138101 )
.
4. الاهتمام بالمرحلة الخطيرة في حياة الأولاد وهي مرحلة المراهقة ؛ لئلا يستغل بدء
مرحلة البلوغ والشعور بالشهوة الجنسية ، في تصريفها بالحرام ، أو استغلالها
بالتهييج ، ليقع الاعتداء عليه بسبب ذلك .
وانظر جواب السؤال رقم ( 111213 )
.
5. الحذر من فتنة أخي الزوج وفتنة أخت الزوجة ، ويحصل كثير من الاعتداءات الجنسية
في بيئات يتساهلون فيما شدد فيه الشرع ، فمع معرفة الناس ، أو كثير منهم ، بقول
النبي صلى الله عليه وسلم : ( الحَمُو المَوْتُ ) ، نجد أن كثيرين يتساهلون في هذا
الأمر فيختلط أخوه البالغ بزوجته ويمازحها ، ويخلو بها ، فيحصل ما لا تحمد عقباه ،
كما يحدث الأمر نفسه في فتنة أخت الزوجة مع زوج أختها .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - : " لو قيل : إنه يجب أن تستر عن
أخي زوجها أكثر مما تستتر عن رجل الشارع ، لو قيل بذلك : لكان له وجه ؛ لأنها إذا
كشفت وجهها لأخي زوجها ، وهو معه في البيت : صارت الفتنة أعظم ، فأي ساعة يدخل
البيت - وقد أغراه الشيطان - يمكن يحاول خداعها ، لكن في الشارع لو أن الرجل نظر
إليها وأعجبته ، لا يستطيع الوصول إليها كأخي زوجها ، فالمهم أن الرسول عليه الصلاة
والسلام أشار إلى هذه النقطة ، حيث قال ( إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ
فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ ؟
قَالَ : الْحَمْوُ الْمَوْتُ ) – متفق عليه – يعني : فاحذروه " انتهى من " لقاءات
الباب المفتوح " ( 85 / السؤال 5 ) .
وقال - رحمه الله - : " يعني : فِرُّوا منه كما تفرون من الموت ، وهو البلاء ؛ لأن
الحمو إذا دخل على بيت قريبه تجد الناس لا تنكره ، وهو - أيضاً - يرى أن الأمر هين
أن يدخل على بيت قريبه ؛ فيحصل الشر " انتهى من " لقاءات الباب المفتوح " ( 63 /
السؤال 1 ) .
وانظر ما كتبناه في أجوبة الأسئلة (
103507 ) و ( 13261 ) و (
12852 ) و (7650
).
والخلاصة ::
أن من يتعرض للاعتداء الجنسي من الأطفال ذكورا وإناثاً فالغالب في سببه ما يكون من
تقصير أهليهم وتساهلهم في الوقاية من ذلك مما جاء في الشرع ، ولا ينبغي لأحدٍ وهو
يرى فتن هذا الزمان وما فيه من تهييج للشهوات أن يجعل ثقته في كل أحد ، بل على
الآباء والأمهات مسئولية عظيمة تجاه أفراد أسرتهم عناية ورعاية ومتابعة وتربية .
وأما من يتعرض لاعتداء جنسي وهو بالغ من الذكور والإناث ، فقد يكون عقوبة على ذنب
مضى من جنس ما فُعل به ، أو من غيره ، وقد يكون ابتلاء لتكفير ذنبه ورفع درجته .
ونسأل الله تعالى أن يحفظ عوراتنا وأن يطهر مجتمعاتنا من المعتدين الآثمين ..
والله أعلم