هل يجوز للمسلم أن يدرس بكلية يعلَّق في قاعاتها الدراسية الصلبان ؟
إني أكمل دراستي الجامعية - وقد مضى عام ويبقى عامان- بكلية بها صلبان في الفصول ،
فهل يجوز للمسلم أن يدرس في هذا المكان ؟
الجواب
الحمد لله.
أولا :
تقدم في جواب السؤال رقم : (135279) ، (121170)
بيان حكم صناعة الصليب ونقشه على الملابس أو الجدران ، والفرق بين الصليب المنهي عن
صناعته وتعليقه ، وبين ما يشبهه مما لا يعد صليبا يشرع نقضه وينهى عن بيعه وشرائه
وتعليقه .
ثانيا :
هذه الصور المعلقة في فصول الدراسة وقاعات المحاضرات والتي تكون على شكل الصلبان
ينبغي النظر فيها أولا ، ولأي شيء صورت ؟ وهل هي مصورة لإرادة الصليب الذي هو شعار
النصارى أم أنها مجرد نقوش وزخرفة على الجدران أو رسوم هندسية نتج عنها ما يشبه
الصليب ؟
فإن كانت من النوع الأول فالمشروع نقضها وإزالتها ؛ لأنها من شعار دين النصارى ،
فمتى تمكن المسلم من إزالتها بيده فالمشروع إزالتها والنهي عن تعليقها ؛ لما روى
البخاري (5952) عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَمْ يَكُنْ يَتْرُكُ فِي بَيْتِهِ شَيْئًا فِيهِ
تَصَالِيبُ إِلَّا نَقَضَهُ ".
قال الحافظ رحمه الله :
" لأن الصليب مما عُبد من دون الله " انتهى .
وإن كانت من النوع الثاني وهو ما كان من قبيل الزخرفة والنقوش والأشكال الهندسية
مما لا يقصد منه صورة الصليب ، إنما هو شيء حصل اتفاقا ، فلا يجب نقضه ، وإنما يحسن
تغييره ابتعاداً عن الشبهة .
ثالثا :
إذا كان من النوع الأول الذي يُنهى عنه فالواجب تغييره ونقضه باليد والنهي عنه عند
الاستطاعة ، وعند عدم الاستطاعة أو إذا كان نقضه سيؤدي إلى ضرر أشد ومفسدة أعظم
فالواجب إنكاره والنهي عنه والحث على نقضه باللسان ، وعند عدم التمكن من ذلك كله
فالواجب الإنكار بالقلب .
وقد روى مسلم (49) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ
صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : ( مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا
فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ ، فَإِنْ لَمْ
يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ ) .
وقد تقدم في جواب السؤال رقم : (12812)
أنه إذا كان إنكار المنكر يؤدي إلى منكر أكبر منه فإنه لا يجوز أن ينكر على صاحبه .
كما تقدم في جواب السؤال رقم : (96662) أن
من شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أن يكون المسلم قادراً على القيام بذلك
بلا ضرر يلحقه ، فإن لحقه ضرر لم يجب عليه ؛ لأن جميع الواجبات مشروطة بالقدرة
والاستطاعة .
فإذا أصرت إدارة الجامعة على عدم تغيير هذه الصلبان ونقضها ، فيبقى على المسلم دوام
الإنكار بالقلب ، وإن استطاع تغيير مكان دراسته بلا ضرر عليه ، فإنه يفعل ذلك وأجره
على الله .
والمشروع في حق المسلم ابتداء أن يختار لنفسه البيئة الصالحة التي يعيش فيها ويدرس
فيها ، فإذا ابتلي بشيء بخلاف ذلك ولم يقدر على التحول أنكر حسب استطاعته ولا شيء
عليه .
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (112188)
، (127946) .
والله تعالى أعلم .