الحمد لله.
وإذا كان الذي يعتريك من وسواس شيئا لا
تقدر على دفعه عن نفسك ، حتى أغلق عليك ، ولم تقصد الطلاق أصلا ، وإنما دُفعت إليه
دفعا بسبب هذا الوسواس فلا يقع طلاقك حينئذ .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " المبتلى بالوسواس لا يقع طلاقه حتى لو تلفظ به
بلسانه ، إذا لم يكن عن قصد " انتهى .
"فتاوى إسلامية" (3 /380)
راجع لذلك جواب السؤال رقم : (105994) .
والذي يبدو لنا من السؤال أنك كنت في
حالة من الغضب والوسواس تستطيع فيها السيطرة على نفسك ، وحينئذ فالطلاق يقع .
ثانيا :
إذا افترضنا أن طلاقك لم يكن بسبب الغضب الذي يمنعك من قصد الطلاق حقيقة ، ولم يكن
بسبب الوسواس القهري ، وإنما كنت قاصدا للطلاق في واقع الأمر ؛ فإنه لا يقع من هذا
الطلاق إلا طلقة واحدة ، حتى ولو كان ثلاث مرات متفرقات ؛ لأن الزوجة غير المدخول
بها تبين من زوجها بطلقة واحدة ، وليس له عليها عدة ؛ فإذا طلقها بعدما بانت منه ،
لم يلحقها الطلاق ، لأنها ـ حينئذ ـ ليست زوجته .
قال ابن قدامة رحمه الله :
" .. فأما غير المدخول بها فلا تطلق إلا طلقة واحدة ، سواء نوى الإيقاع أو غيره ،
وسواء قال ذلك منفصلا أو متصلا .
وهذا قول أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث وعكرمة والنخعي وحماد بن أبي سليمان
والحكم والثوري والشافعي وأصحاب الرأي وأبي عبيد وابن المنذر ، وذكره الحكم عن علي
وزيد بن ثابت وابن مسعود ... ؛ لأن غير المدخول بها تبين بطلقة واحدة ؛ لأنه لا عدة
عليها ، فتصادفها الطلقة الثانية بائنا فلم يمكن وقوع الطلاق بها لأنها غير زوجة ،
وإنما تطلق الزوجة ؛ ولأنه قول من سمينا من الصحابة ولا نعلم لهم مخالفا في عصرهم
فيكون إجماعا " انتهى ملخصا .
"المغني " (7/367) .
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن رجل
تزوج بامرأة وحصل بينهما سوء تفاهم فطلقها بالثلاث بلفظ واحد ، ولم يطلقها قبله ولا
بعده ، إلا أنه لم يدخل بها .
فأجاب : " قد وقع على الزوجة بذلك طلقة واحدة ، ولا رجعة له عليها ، إلا بنكاح جديد
بشروطه المعتبرة شرعا ؛ لكونه لم يدخل بها " انتهى ملخصا "مجموع فتاوى ابن باز" (21
/413)
وينظر جواب السؤال رقم : (99597) .
والله تعالى أعلم .