الحمد لله.
لقد سبق في هذا الموقع عدة فتاوى تتعلق بطلاق الغضبان ، وبينا فيها أن الغضب ثلاث درجات :
الأولى : غضب خفيف ، يحصل فيه تكدر من الزوج ، وكراهة لما وقع من المرأة ، إلا أنه لا يمنعه من التعقل ، والنظر لنفسه .
فهذا لا يمنع من وقوع الطلاق عند جميع أهل العلم .
الثانية : غضب شديد ، يفقد معه صاحبه الشعور والإدراك ، ويكون كالمجنون والمعتوه .
فهذا لا يقع طلاقه عند جميع أهل العلم ، لأنه بمثابة زائل العقل .
الثالثة : غضب شديد ، ولكن لا يفقد معه صاحبه الشعور والإدراك ، إلا أنه لا يستطيع أن يملك فيه نفسه لطول النزاع والمشاتمة أو المضاربة .
فهذا في وقوع طلاقه خلاف بين أهل العلم ، والأرجح أنه لا يقع ، كما رجح ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم رحمة الله عليهما.
قال ابن القيم : " والغضب على ثلاثة أقسام :
أحدها : ما يُزيل العقل ، فلا يشعُرُ صاحبُه بما قال ، هذا لا يقعُ طلاقه بلا نزاع .
الثانى : ما يكون فى مباديه بحيث لا يمنع صاحِبَه مِن تصور ما يقولُ وقصده ، فهذا يقع طلاقُه .
الثالث : أن يستحكِمَ ويشتدَّ به ، فلا يُزيل عقله بالكلية ، ولكن يحولُ بينه وبين نيته بحيث يندَمُ على ما فرط منه إذا زال ، فهذا محلُّ نظر ، وعدمُ الوقوع في هذه الحالة قوي متجه ". انتهى
"زاد المعاد في هدي خير العباد" (5/215)
وينظر: جواب السؤال (22034) ، (110797) ، (45174)
والظاهر من سؤالك أن الطلاق الواقع منك هو من هذه الدرجة ، بحيث إنك لم تستطع التحكم بنفسك ولا بكلماتك ، مع وعيك بما تقول وإدراكك له .
ولذلك فطلاقك لم يقع على أرجح قولي أهل العلم في هذه المسألة .
وأما إن كان غضبك من الدرجة الأولى – وأنت أدرى بحالك منا – فقد وقعت عليك طلقة واحدة.
وتلفظك بالطلاق ثلاثاً لا يقع به إلا طلقة واحدة على القول الأرجح ، وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال (96194) ، (152067).
والحاصل : إن كان طلاقك قد وقع في حال الغضب الشديد ، فلا يقع عليك شيء من الطلاق ، وأما إن كان في حال الغضب المعتاد الخفيف ، فقد وقعت عليك طلقة واحدة .
والله أعلم .
تعليق