الحمد لله.
أولا :
الذي ينبغي ألا نشهد لمعين بالشهادة في سبيل الله ، وإن كنا نرجو له ذلك ، ولكنا
نشهد على العموم أن من قتل في سبيل الله فهو شهيد ، دون أن نشهد لفلان بخصوصه .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" لا نشهد لشخص معين بأنه شهيد وإن قتل في المعركة ، وقد بوب البخاري رحمه الله في
صحيحه على هذه المسألة قال " باب لا يقال فلان شهيد " واستدل بالحديث الصحيح (ما من
مكلوم يكلم في سبيل الله والله أعلم بمن يكلم في سبيله إلا جاء يوم القيامة وجرحه
أو قال كَلْمُهُ يثعب دماً ، اللون لون الدم ، والريح ريح المسك ) ؛ فقوله صلى الله
عليه وسلم ( والله أعلم بمن يُكلم في سبيله ) إشارة إلى اعتبار النية ، ونحن لا
نعلم بنية هذا المقتول ، وإن كنا نعامله بالظاهر فيما يتعلق بالتغسيل والتكفين
والصلاة ، لكننا لا نحكم له في الباطن وهو أنه شهيد من أهل الجنة ، ولكننا نقول
يرجى أن يكون من الشهداء " انتهى من "فتاوى نور على الدرب" (202 /21) .
ثانيا :
لا نعلم فضيلة خاصة في الشرع لمن تزوج بامرأة الشهيد ، أو كفل أولاد الشهيد على
الخصوص ؛ إلا أن من فعل ذلك احتسابا فلا شك أن له أجره عند الله ، وخاصة إذا كان
لها أيتام ، وقد روى مسلم (2983) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كَافِلُ الْيَتِيمِ لَهُ أَوْ
لِغَيْرِهِ أَنَا وَهُوَ كَهَاتَيْنِ فِي الْجَنَّةِ ) - وَأَشَارَ مَالِكٌ
بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى .
وهو في البخاري (5304) بنحوه من حديث سهل بن سعد رضي الله عنه .
قال النووي رحمه الله :
" قَوْله : ( لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ ) فَاَلَّذِي لَهُ أَنْ يَكُون قَرِيبًا لَهُ
كَجَدِّهِ وَأُمّه وَجَدَّته وَأَخِيهِ وَأُخْته وَعَمّه وَخَاله وَعَمَّته
وَخَالَته وَغَيْرهمْ مِنْ أَقَارِبه , وَاَلَّذِي لِغَيْرِهِ أَنْ يَكُون
أَجْنَبِيًّا " انتهى .
والذي نرجوه أن يكون كافل أبناء الشهيد ، والقائم على أمرهم أعظم في الأجر ، وأولى
في الفضيلة ، لما للشهيد من المنزلة عند الله ، ولما فيه من الترغيب في الجهاد في
سبيل الله ، والمبادرة إلى تلك الشعيرة العظيمة .
ثالثا : لا شك أن النفوس
أكثر ميلا لنكاح البكر من الثيب ، وهذا ليس ممنوعا ولا مرغبا عنه في الشرع ، بل
الشرع مع هذه الميل الفطري ، إلا إن كانت هناك مصلحة راجحة تدعو المرء إلى تفضيل
الثيب على البكر .
وينظر جواب السؤال رقم (27173)
، (9126) .
فأنت الآن أبصر بنفسك ، وما
يصلحك ، فإن كنت ترى أن الزواج بهذه المرأة الثيب ، أم الأيتام ، سوف يغنيك ويعفك ،
وأن لك القدرة على القيام بأمرها وأمر أيتامها فهو أمر طيب ، يرجى لك البركة فيه ،
والعون من الله ، لما فيه من إعفاف هذه المرأة التي تقل الرغبة فيها ، والقيام بشأن
أيتامها .
وإن كنت تعلم أن نفسك أميل إلى البكر ، وأنك تستكرهها على نكاح الثيب ، أم الأيتام
، فلا نرى أن تفعل ذلك ، بل أعط نفسك حظها من المباح المشروع ، ولعل الله أن يخلف
على هذه الأيم وأيتامها من يقوم بأمرهم ، ويقوى على كفالتهم .
وننصحك بصلاة الاستخارة ،
والتروي في هذا الأمر ، وإحكام النظر فيه ، حتى لا تدخل في أمر إلا على بينة منه .
نسأل الله أن يوفقك إلى الخير والسداد ، ويلهمك رشدك ، ويعيذك من شر نفسك .
والله تعالى أعلم ..