الحمد لله.
فإن أراد أن يمر من بين يديه فلا مانع من أن ينصب عصا
أو كرسياً أو يأمر شخصاً أن يقف أمام المصلي ثم يمر من ورائه .
جاء في الإقناع مع شرحه: " وفي المستوعب: إن احتاج المار إلى المرور ألقى شيئاً بين
يدي المصلي ، يكون سترة له ، ثم مر من ورائه" انتهى . فيكون مروره من وراء السترة "
انتهى من "كشاف القناع"(1/376) .
ثانياً:
لا بأس على المصلي أن يتخذ شخصاً مصلياً أو جالساً أو مضطجعاً سترة له؛ لأن المقصود
من السترة منع المرور من بين يدي المصلي وحفظ النظر .
عَنْ ابْنِ عُمَرَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَنَّهُ
كَانَ يُعَرِّضُ رَاحِلَتَهُ فَيُصَلِّي إِلَيْهَا . قُلْتُ أَفَرَأَيْتَ إِذَا
هَبَّتْ الرِّكَابُ ؟ قَالَ : كَانَ يَأْخُذُ هَذَا الرَّحْلَ فَيُعَدِّلُهُ
فَيُصَلِّي إِلَى آخِرَتِهِ ، أَوْ قَالَ مُؤَخَّرِهِ ، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ يَفْعَلُهُ ) رواه البخاري(507) .
قال ابن قدامة رحمه الله : " ولا بأس أن يستتر ببعير
أو حيوان , وفعله ابن عمر, وأنس.. ثم استدل له بما تقدم.. "
ثم قال : " وقد روي عن حميد بن هلال, قال : رأى عمر بن الخطاب رجلاً يصلي , والناس
يمرون بين يديه , فولاه ظهره , وقال بثوبه هكذا, وبسط يديه هكذا. وقال: صل, ولا
تعجل،
وعن نافع, قال: كان ابن عمر إذا لم يجد سبيلاً إلى سارية من سواري المسجد , قال :
ولِّني ظهرك ، رواهما النجاد بإسناده " انتهى من "المغني"(2/38).
ثالثاً:
فإن تحركت السترة ( الرجل ) يمنياً أو شمالاً ، فلا يعد هذا مشياً بين يديه ،
والأولى والأفضل لمن جلس ليستر أخاه من المارة ألا يتحرك حتى لا يشغل المصلي بالنظر
، ولا يحرمه من الاستتار في صلاته ؛ بل يصبر حتى يقضي صاحبه صلاته ؛ خاصة إذا كان
قد استتر به المصلي بإذنه ، وقد سبق في كلام ابن قدامة النقل عن عمر وابنه ، رضي
الله عنهما ، في ذلك.
وللاستزادة ينظر جواب سؤال رقم (13700)
.
رابعاً:
لا بأس إذا رأيت شخصاً يصلي من غير سترة ، أن تقف أمامه مولياً ظهرك له ، ولو لم
تخش المرور بين يديه عملاً بالسنة ، وقد نقل فعل ذلك عن عمر رضي الله عنه ، كما سبق
.
سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " إذا كنت أصلى
بمفردي ولا يوجد عندي في البيت ، أي شخص مصلي ، هل أضع سترة بيني وبين المار أمامي؟
فأجاب: إذا كان الإنسان خالياً في البيت أو في البر وهو آمن من أن يمر أحد بين يديه
، فقد اختلف العلماء رحمهم الله هل يسن أن يضع السترة حينئذ أم لا ؟ والراجح أنه
يضع السترة وإن لم يخش ماراً ، لأن من فوائد السترة أنها تحجب النظر عن التجول
يمينا وشمالاً.." انتهى من فتاوى "نور على الدرب"
والله أعلم