أسلمت بعد أن أجهضت حملها من الزنا، فهل يغفر الله لها وهل تلتقي بولدها في الجنة ؟

25-04-2012

السؤال 177305


أخت في السابعة عشرة من العمر، اعتنقت الإسلام بعد أن كانت ملحدة ، ولكنها تذكر أنها قبل أن تُسلم كانت على علاقة مع صديق لها وقد حملت حملاً بسبب تلك العلاقة ، ولكن صاحبها ضغط عليها فأجهضت الجنين ، إنها حزينة جداً ، وتمنت أنها ما فعلت ذلك ، وتسأل الله أن يعفو عنها ، ولكنا تتساءل الآن وتقول : ما وجهة نظر الشرع في ذاك الجنين؟ هل تكونت فيه الروح أم لا في تلك المرحلة ؟ وهل هناك عواقب مترتبة على ذلك يوم القيامة ؟ وإذا منّ الله عليها وأدخلها الجنة فهل يمكنها أن تطلب منه سبحانه أن يرد عليها ذاك الجنين أم أنه لا سبيل إلى ذلك؟
جزاكم الله خيراً.

الجواب

الحمد لله.


أولاً:
الزنا جريمة محرمة في الشرائع الإلهية، مستقبحة ، يرفضها كل عقل سليم ولو لم يكن مسلماً ، وقد ذم الله عز وجل فاعلها في آيات كثيرة وأحاديث نبوية عديدة ، وتوعد فاعلها بالعقوبة الشديدة والخزي في الدنيا والآخرة ، وللاستزادة ينظر جواب سؤال رقم (97884) .
ثانياً:
من زنت ثم حملت حرم عليها إجهاض جنينها بعدما نُفخت فيه الروح ، بإجماع العلماء ، ولو كان الحمل من زنا ؛ لأنه نفس معصومة .
ونفخ الروح يكون بعد مائة وعشرين يوماً .
جاء في "الموسوعة الفقهية" (2/57): ".. لا يعلم خلاف بين الفقهاء في تحريم الإجهاض بعد نفخ الروح ، فقد نصوا على أنه إذا نفخت في الجنين الروح حرم الإجهاض إجماعاً، وقالوا إنه قتل له, بلا خلاف..." انتهى .

ثالثاً:
من كسب سيئة ، وأحاطت به خطاياه ومعاصيه في حال الكفر ، من الزنا أو السرقة ، أو غيره من الكبائر والموبقات ؛ ثم أسلم ، غفر الله له ما كان منه في حال كفره ، ثم ليستأنف مع ربه صفحة جديدة ، قال الله تعالى : ( قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ ) الأنفال/38

قال ابن العربي رحمه الله: " قَالَ عُلَمَاؤُنَا: هَذِهِ لَطِيفَةٌ مِنْ اللَّهِ سُبْحَانَهُ مَنَّ بِهَا عَلَى الْخَلِيقَةِ
وَذَلِكَ أَنَّ الْكُفَّارَ يَقْتَحِمُونَ الْكُفْرَ وَالْجَرَائِمَ ، وَيَرْتَكِبُونَ الْمَعَاصِيَ ، وَيَرْتَكِبُونَ الْمَآثِمَ ، فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ يُوجِبُ مُؤَاخَذَتَهُمْ لَمَا اسْتَدْرَكُوا أَبَدًا تَوْبَةً ، وَلَا نَالَتْهُمْ مَغْفِرَةٌ ؛ فَيَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَبُولَ التَّوْبَةِ عِنْدَ الْإِنَابَةِ ، وَبَذَلَ الْمَغْفِرَةَ بِالْإِسْلَامِ ، وَهَدَمَ جَمِيعَ مَا تَقَدَّمَ ؛ لِيَكُونَ ذَلِكَ أَقْرَبَ إلَى دُخُولِهِمْ فِي الدِّينِ، وَأَدْعَى إلَى قَبُولِهِمْ كَلِمَةَ الْإِسْلَامِ ، وَتَأْلِيفًا عَلَى الْمِلَّةِ ، وَتَرْغِيبًا فِي الشَّرِيعَةِ ؛ فَإِنَّهُمْ لَوْ عَلِمُوا أَنَّهُمْ يُؤَاخَذُونَ لَمَا أَنَابُوا وَلَا أَسْلَمُوا " انتهى من"أحكام القرآن" لابن العربي (2/398) .

وفي صحيح مسلم (121) عن عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ رضي الله عنه قال: لَمَّا جَعَلَ اللَّهُ الإِسْلامَ فِي قَلْبِي أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْتُ: ابْسُطْ يَمِينَكَ فَلأُبَايِعْكَ ، فَبَسَطَ يَمِينَهُ، قَالَ: فَقَبَضْتُ يَدِي ، قَالَ: مَا لَكَ يَا عَمْرُو؟ قَالَ: قُلْتُ: أَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِطَ ، قَالَ: تَشْتَرِطُ بِمَاذَا ؟ قُلْتُ: أَنْ يُغْفَرَ لِي ، قَالَ: ( أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ الإِسْلامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ ) .
قال النووي رحمه الله: " الإِسْلام يَهْدِم مَا كَانَ قَبْله" أَيْ: يُسْقِطهُ وَيَمْحُو أَثَره " .
انتهى من "شرح مسلم".

وجاء في فتاوى علماء "اللجنة الدائمة " (24/296) :
" إذا صدق الإنسان في توبته من ذنبه ، ولو كان شركاً بالله ، أو زناً، أو قتلاً ، أو أكل مال بالباطل، وندم على ما مضى من ذنبه ، ورد الحقوق إلى أهلها أو سامحوه ، وأتبع ذلك عملاً صالحا: تاب الله عليه ، وغفر ذنبه ، بل يبدل سيئاته حسنات ، قال الله تعالى في صفة عباده الصالحين: ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا. يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا. وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا ) الفرقان/ 68 – 71 ، وقال: ( قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ ) الأنفال/ 38، وقال: ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الزمر/ 53 ". انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن قعود.

وأما عن الجنين الذي أسقط قبل إسلام أمه ، فالله أعلم بشأنه ، وما يكون من حاله يوم القيامة .
وينظر جواب السؤال رقم (107781) .

والله أعلم

الجنايات
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب