الحمد لله.
أولاً:
الزنا جريمة محرمة في الشرائع الإلهية، مستقبحة ، يرفضها كل عقل سليم ولو لم يكن مسلماً ، وقد ذم الله عز وجل فاعلها في آيات كثيرة وأحاديث نبوية عديدة ، وتوعد فاعلها بالعقوبة الشديدة والخزي في الدنيا والآخرة ، وللاستزادة ينظر جواب سؤال رقم (97884) .
ثانياً:
من زنت ثم حملت حرم عليها إجهاض جنينها بعدما نُفخت فيه الروح ، بإجماع العلماء ، ولو كان الحمل من زنا ؛ لأنه نفس معصومة .
ونفخ الروح يكون بعد مائة وعشرين يوماً .
جاء في "الموسوعة الفقهية" (2/57): ".. لا يعلم خلاف بين الفقهاء في تحريم الإجهاض بعد نفخ الروح ، فقد نصوا على أنه إذا نفخت في الجنين الروح حرم الإجهاض إجماعاً، وقالوا إنه قتل له, بلا خلاف..." انتهى .
ثالثاً:
من كسب سيئة ، وأحاطت به خطاياه ومعاصيه في حال الكفر ، من الزنا أو السرقة ، أو
غيره من الكبائر والموبقات ؛ ثم أسلم ، غفر الله له ما كان منه في حال كفره ، ثم
ليستأنف مع ربه صفحة جديدة ، قال الله تعالى : ( قُل لِلَّذِينَ كَفَرُواْ إِن
يَنتَهُواْ يُغَفَرْ لَهُم مَّا قَدْ سَلَفَ ) الأنفال/38
قال ابن العربي رحمه الله: "
قَالَ عُلَمَاؤُنَا: هَذِهِ لَطِيفَةٌ مِنْ اللَّهِ سُبْحَانَهُ مَنَّ بِهَا عَلَى
الْخَلِيقَةِ
وَذَلِكَ أَنَّ الْكُفَّارَ يَقْتَحِمُونَ الْكُفْرَ وَالْجَرَائِمَ ،
وَيَرْتَكِبُونَ الْمَعَاصِيَ ، وَيَرْتَكِبُونَ الْمَآثِمَ ، فَلَوْ كَانَ ذَلِكَ
يُوجِبُ مُؤَاخَذَتَهُمْ لَمَا اسْتَدْرَكُوا أَبَدًا تَوْبَةً ، وَلَا نَالَتْهُمْ
مَغْفِرَةٌ ؛ فَيَسَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَبُولَ التَّوْبَةِ عِنْدَ
الْإِنَابَةِ ، وَبَذَلَ الْمَغْفِرَةَ بِالْإِسْلَامِ ، وَهَدَمَ جَمِيعَ مَا
تَقَدَّمَ ؛ لِيَكُونَ ذَلِكَ أَقْرَبَ إلَى دُخُولِهِمْ فِي الدِّينِ، وَأَدْعَى
إلَى قَبُولِهِمْ كَلِمَةَ الْإِسْلَامِ ، وَتَأْلِيفًا عَلَى الْمِلَّةِ ،
وَتَرْغِيبًا فِي الشَّرِيعَةِ ؛ فَإِنَّهُمْ لَوْ عَلِمُوا أَنَّهُمْ يُؤَاخَذُونَ
لَمَا أَنَابُوا وَلَا أَسْلَمُوا " انتهى من"أحكام القرآن" لابن العربي (2/398) .
وفي صحيح مسلم (121) عن
عَمْرَو بْنَ الْعَاصِ رضي الله عنه قال: لَمَّا جَعَلَ اللَّهُ الإِسْلامَ فِي
قَلْبِي أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقُلْتُ:
ابْسُطْ يَمِينَكَ فَلأُبَايِعْكَ ، فَبَسَطَ يَمِينَهُ، قَالَ: فَقَبَضْتُ يَدِي ،
قَالَ: مَا لَكَ يَا عَمْرُو؟ قَالَ: قُلْتُ: أَرَدْتُ أَنْ أَشْتَرِطَ ، قَالَ:
تَشْتَرِطُ بِمَاذَا ؟ قُلْتُ: أَنْ يُغْفَرَ لِي ، قَالَ: ( أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ
الإِسْلامَ يَهْدِمُ مَا كَانَ قَبْلَهُ ) .
قال النووي رحمه الله: " الإِسْلام يَهْدِم مَا كَانَ قَبْله" أَيْ: يُسْقِطهُ
وَيَمْحُو أَثَره " .
انتهى من "شرح مسلم".
وجاء في فتاوى علماء "اللجنة
الدائمة " (24/296) :
" إذا صدق الإنسان في توبته من ذنبه ، ولو كان شركاً بالله ، أو زناً، أو قتلاً ،
أو أكل مال بالباطل، وندم على ما مضى من ذنبه ، ورد الحقوق إلى أهلها أو سامحوه ،
وأتبع ذلك عملاً صالحا: تاب الله عليه ، وغفر ذنبه ، بل يبدل سيئاته حسنات ، قال
الله تعالى في صفة عباده الصالحين: ( وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ
إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا
بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا. يُضَاعَفْ لَهُ
الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ
وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ
حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا. وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا
فَإِنَّهُ يَتُوبُ إِلَى اللَّهِ مَتَابًا ) الفرقان/ 68 – 71 ، وقال: ( قُلْ
لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ ) الأنفال/
38، وقال: ( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا
تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا
إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الزمر/ 53 ". انتهى .
الشيخ عبد العزيز بن باز، الشيخ عبد الرزاق عفيفي، الشيخ عبد الله بن قعود.
وأما عن الجنين الذي أسقط
قبل إسلام أمه ، فالله أعلم بشأنه ، وما يكون من حاله يوم القيامة .
وينظر جواب السؤال رقم (107781)
.
والله أعلم
تعليق