الحمد لله.
فإن الأحاديث قد تضافرت على وجوب إعفاء اللحية والتحذير من مشابهة المجوس في حلقها
أو تخفيفها ، ومن هذه الأحاديث : ( خَالِفُوا الْمُشْرِكِينَ وَفِّرُوا اللِّحَى )
رواه البخاري ( 5553 ) وقال ( جُزُّوا الشَّوَارِبَ وَأَرْخُوا اللِّحَى خَالِفُوا
الْمَجُوسَ ) رواه مسلم ( 260 ) .
وقد ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - في " اقتضاء الصراط المستقيم " أن
مشابهة الكفار في الظاهر سبب لمشابهتهم في الأخلاق والأفعال الممنوعة بل وفي نفس
الاعتقادات ، فقال : " المشابهة في الظاهر تورث نوع مودة ومحبة وموالاة في الباطن ،
كما أن المحبة في الباطن تورث المشابهة في الظاهر ، وهذا أمر يشهد به الحس والتجربة
" .
انتهى من " اقتضاء الصراط " ( ص 221 ) .
وكان النبي صلى الله عليه وسلم قد تزوج بنساء كثيرات وهو كث اللحية ، فقد قال جابر
رضي الله عنه في صفة النبي صلى الله عليه وسلم ( وَكَانَ كَثِيرَ شَعْرِ
اللِّحْيَةِ ) رواه مسلم ( 2344 ) ، وفي حديث النسائي ( 5232 ) - وصححه الألباني -
بلفظ ( كثَّ اللحية ) ، وكان الأمر هكذا مع الصحابة والتابعين ومن بعدهم بل وحتى
غير المسلمين ممن يعفون لحاهم .
وفي حلق اللحية منكرات عدة ، منها : أنها تغيير لخلق الله ، ومنها : التشبه بالكفار
، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول ( مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ فَهُوَ مِنْهُمْ )
رواه أبو داود ( 4031 ) بإسناد جيد ، ومنها : التشبه بالنساء وفي الحديث ( لَعَنَ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُتَشَبِّهِينَ مِنْ
الرِّجَالِ بِالنِّسَاءِ ) رواه البخاري ( 5546 ) .
وانظر جواب السؤال رقم (
110462 )
و ( 1189 )
( 100909
)
والأصل في الأمر الوجوب ، وقد يرخص في تخفيفها أو حلقها لعذر شرعي يتعلق بصاحبها
نفسه كظهور حبوب في الوجه لا تعالج إلا بتخفيف لحيته أو حلقها ، أو من أجل إجراء
عملية في الوجه ، لكن لا يفتى بحلقها من أجل عذر قائم بغيره .
فإذا قدر أن هناك حالة خاصة
، كالتي تذكر عن زوجتك ، فإن مفاداة التأذي عند معاشرة الزوجة ممكنة ، كأن يضع
أحدكما ، أو كلاكما على وجهه شيئا من العوازل الطبية ، كمرطبات الوجه والزيت ، عند
المباشرة ، من أجل توقي ذلك .
وعلى الزوجة أن تعالج نفسها
من مرضها ذاك ؛ إذ لا يمكن من أجل إرضاء الزوجة الوقوع فيما حرم الله من حلق اللحية
.
ثم إن ذهاب المرض من الزوجة بحلق الزوج لحيته مظنون ؛ فقد يحلق لحيته وتبقى
الحساسية من مماسة الجلد للجلد .
فالذي ينبغي عليكم العمل على
ذهاب هذه الحساسية من الزوجة ، وليس العمل على ذهاب اللحية ، وبقاء الحساسية .
وينظر جواب السؤال رقم (
12740 ) .
والله أعلم