الحمد لله.
لا تجوز مشاركة من يتاجر في المحرمات كالخمر ولحم الخنزير وإن اختلط ذلك بتجارة
مباحة ، حتى ينفصل الخبيث عن الطيب وتكون المشاركة في الطيب فقط ؛ فإذا كان عقد
الشراكة يتضمن الكل : المحل التجاري ومحطة البنزين والمطعم ، فإن ذلك يعني الشراكة
في بيع هذه المحرمات ، ومعلوم أن ثمنها خبيث محرم .
عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَامَ الْفَتْحِ وَهُوَ
بِمَكَّةَ : ( إِنَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ حَرَّمَ بَيْعَ الْخَمْرِ وَالْمَيْتَةِ
وَالْخِنْزِيرِ وَالْأَصْنَامِ .
فَقِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَرَأَيْتَ شُحُومَ الْمَيْتَةِ فَإِنَّهَا يُطْلَى
بِهَا السُّفُنُ وَيُدْهَنُ بِهَا الْجُلُودُ وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ ؟
فَقَالَ : لَا ؛ هُوَ حَرَامٌ ، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ ذَلِكَ : ( قَاتَلَ اللَّهُ الْيَهُودَ إِنَّ اللَّهَ
لَمَّا حَرَّمَ شُحُومَهَا جَمَلُوهُ ثُمَّ بَاعُوهُ فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ ) متفق
عليه .
سئل علماء اللجنة :
" أنا وإخوتي يوجد لدينا بقالة ، وهذه البقالة يوجد بها دخان ضمن البضاعة الذي
بداخلها ، وإني قد حاولت أن يتركوا البيع والشراء في هذه الدخاخين ، ولم يطيعوني ،
وإن فصل الشراكة معهم صعب ، ولو حصل فك الشراكة سوف يحصل زعل من والدتي علي ، وأنا
أفعل كل ذلك من شأن رضا والدتي ، فهل يمكن حصر هذه البضاعة الخبيثة مثل الدخان
والجراك والمجلات على حسابهم في صندوق خاص لهم خارج هذه البقالة ، ولا يكون لي فيه
دخل ؟
فأجابوا : " عليك النصيحة لأخويك في عدم بيع الدخان والجراك والمجلات الخليعة ؛ لأن
بيع ما ذكر حرام ، وكسبه حرام ، ولا يجوز التعاون مع من يبيع هذه الأشياء ؛ لقول
الله سبحانه وتعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا
تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ
شَدِيدُ الْعِقَابِ ) وينبغي أن تستعين بأهل الخير من الأقارب في نصيحة أخويك حتى
يوافقا على ترك بيع الأشياء المذكورة إن شاء الله ، ونسأل الله أن يصلحهما ويهديهما
لقبول الحق ، وأن يوفقكم جميعا لما يرضيه .
فإن أبيا ولم يقبلا النصيحة ، فالواجب عليك الانفصال من الشركة ، بعدا عن الكسب
الحرام ، وحذرا من إثم التعاون على الإثم والعدوان ، ولو لم ترض والدتك ؛ لقول
النبي صلى الله عليه وسلم : ( إنما الطاعة في المعروف ) ، مع الحرص على أسباب رضاها
وبالوسائل المباحة " انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (13 /58-59) .
وقال علماء اللجنة الدائمة
أيضا :
" الشركات والمؤسسات التي تتعامل بالربا أو شيء من المحرمات تحرم المساهمة فيها " .
انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (14 /311) .
وينظر جواب السؤال رقم (40651).
وأما إذا كانت المشاركة ستتم
في محطة البنزين فقط ، ولا يكون لك علاقة بالمطعم أو المحل التجاري ، فلا مانع من
ذلك ، ولا يضر أن يكون في مال شريكك كسب محرم ؛ فإثمه عليه هو ، وإن كان عليك
مناصحته ونهيه عن هذا المنكر .
راجع إجابة السؤال رقم (48005)
.
والله أعلم .