تاب من المعاصي ويريد التفرغ للعبادة بعد أن تعلم ما يجب عليه في العقيدة والعبادات
ما رأيكم رجل أضاع سنين من عمره في المعاصي كبيرها وصغيرها ثم تاب إلى الله عز وجل وطلب العلم فتعلم ما يجب عليه من الاعتقاد والعبادات وهو الآن يقول أنا تعلمت الآن الدين سأتوقف عن طلب العلم وسأتفرغ من الآن إلى الممات للعبادة وحدها حتى يغفر الله لي ما مضى في عمري ولأعوض السنين الكثيرة التي ضيعتها .
فما رأيكم في هذا الرجل وفيما ينوي أن يفعل ؟هل ما سيفعله صحيح مشروع ولا إثم عليه ولا شيء عليه ؟ وبما تنصحونه .
الجواب
الحمد لله.
نحمد الله تعالى أن من على هذا العبد بالتوبة النصوح ، ونسأل الله أن يبدل له ما
سلف من سيئاته حسنات ، وأن يتجاوز عنه ، ويثبته على الهدى والصراط المستقيم .
وأما تفرغه للعبادة فيما بقي : فليعلم أنه لا رهبانية في الإسلام ، وأنه لا بد له
من أمر معاشه ومعاده ، فلا بد له من أن يسعى في طلب رزقه ورزق من يعوله ويقوته ؛
فليجمع بين ذلك ، وبين أداء فرائض العبادة عليه : من الصلاة والزكاة والصيام والحج
، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وهكذا .
ثم ليجتهد بعد ذلك في نوافل العبادة بحسب وسعه وطاقته .
فإن كان في كفاية من أمر عيشه ، وكان عنده من المال ما يغنيه عن سؤال الناس ، فلا
بأس أن يتفرغ لطاعة الله جل وعلا ، والاجتهاد في نوافل الطاعات وفضائل الخيرات .
لكن من الخطأ أن يظن أن طلب العلم يشغله عن العبادة ، فإنه مطالب بطلب ما ينفعه في
أمر دينه من العلم ؛ فإن حصل القدر الواجب من ذلك ، فلينظر فيما بقي : فإن كان عنده
أهلية لطلب العلم ، وقدرة على نفع نفسه ، ونفع الناس به ، فليعلم أن طلب العلم ،
ونشره وتعليمه ، أفضل من مجرد التفرغ لنوافل الطاعات .
وإن لم يكن عنده أهلية لذلك ، فلا بأس أن يتفرغ للعبادة ، مع مراعاة ما سبق بيانه
من أداء الحقوق والواجبات .
والله أعلم