الحمد لله.
ثانيا :
لا شك أن غضبك لنفسك ، ورغبتك في الانتقام من هذه الفتاة ، ثم كشفك سرها ، وسعيك
لإفساد خطبتها ، ولو كان بالتحدث بما كان فعلا من أمرها ، لا شك أنك بذلك قد وقعت
في أخطاء ، بل محرمات عديدة ، فقد هتكت ستر الفتاة ، وقد أمر الله بالستر على
المؤمنين ، وحذر من فضحهم وهتك سرتهم ، وكشف عورتهم . واغتبتها ، حتى وإن ذكرت ما
فيها ، فهذه هي حيقيقة الغيبة ، وقد نهاك الله عن ذلك . ثم سعيت في إفساد أمرها ،
وقد فعلت ؛ فلا حول ولا قوة إلا بالله .
وقد عرّف النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْغِيبَة فقَالَ : ( ذِكْرُكَ
أَخَاكَ بِمَا يَكْرَهُ ) فقِيلَ له : أَفَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ فِي أَخِي مَا
أَقُولُ ؟ قَالَ : ( إِنْ كَانَ فِيهِ مَا تَقُولُ فَقَدْ اغْتَبْتَهُ وَإِنْ لَمْ
يَكُنْ فِيهِ فَقَدْ بَهَتَّهُ ) رواه مسلم (2589)
قال ابن حجر الهيتمي رحمه الله :
" نَقَلَ الْقُرْطُبِيُّ وَغَيْرُهُ الْإِجْمَاعَ عَلَى أَنَّ الْغِيبَة مِنْ
الْكَبَائِرِ " انتهى .
"الزواجر" (2 /240)
ثالثا :
إذا كنت قد تبت فعلا وصدقت في توبتك ، فالرجاء في الله جل جلاله أن يتقبل منك ، وأن
يمن عليك بتوبة نصوح ، وأن يقيل عثرتك فيما مضى ، ويصلح شأنك فيما بقي .
وينظر جواب السؤال رقم (13990)
.
وقد أحسنت صنعا إذ اعترفت بذنبك ، وأقررت أنك قد أخطأت بحقها ، وهذا أول طريق
التوبة . والواجب عليك فعل كل ما يمكنك فعله في سبيل إصلاح ما أفسدت ، وأول ذلك
الاستغفار لها وسؤال الله أن يتوب عليها وأن يصلح حالها .
رابعاً :
عليك أن تجتهد في الثناء عليها في المجالس التي كنت تجلس فيها وتسيء إليها فيها ،
قدر طاقتك ذلك ، وبالقدر الذي يتناسب مع ذكر امرأة أجنبية عنك ، ولو كان ذلك بإكذاب
نفسك فيما كنت تحكيه عنها قبل ذلك ، أو بيان أن غضبك هو الذي حملك على ما قلت .
خامساً :
عليك التحلل منها بطلب المسامحة والعفو ، مع الاعتراف لها بالخطأ ، وأنك تسعى جديا
في تصحيح خطئك ؛ لأن من شروط صحة التوبة أنها إذا تعلقت بحق آدمي فلا بد من التحلل
منه ، هذا إذا كانت مصارحتها تنفع في ذلك ، وإلا فيكفيك الاستغفار لها والعمل على
إصلاح ما أفسدت كما تقدم بيانه .
وينظر جواب السؤال رقم (6308)
.
والله أعلم .