الحمد لله.
فهذه المعاملة التي يجري فيها أخذ الأموال بالدينار ثم رد جزء منها يوم رحلة الحج
بعملة أخرى معاملة غير جائزة ؛ لأن هذا يعتبر من الصرف , والصرف لا يجوز التأخير
فيه ؛ لأنه يؤدي لربا النسيئة .
روى البخاري في صحيحه (2060 ) عَنْ : " أَبَي المِنْهَالِ، يَقُولُ: سَأَلْتُ
البَرَاءَ بْنَ عَازِبٍ، وَزَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ عَنِ الصَّرْفِ ، فَقَالاَ :
كُنَّا تَاجِرَيْنِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
، فَسَأَلْنَا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الصَّرْفِ ،
فَقَالَ: ( إِنْ كَانَ يَدًا بِيَدٍ فَلاَ بَأْسَ، وَإِنْ كَانَ نَسَاءً فَلاَ
يَصْلُحُ ).
وروى مسلم في صحيحه (1587) عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ ، وَالْفِضَّةُ
بِالْفِضَّةِ ، وَالْبُرُّ بِالْبُرِّ ، وَالشَّعِيرُ بِالشَّعِيرِ ، وَالتَّمْرُ
بِالتَّمْرِ ، وَالْمِلْحُ بِالْمِلْحِ، مِثْلًا بِمِثْلٍ ، سَوَاءً بِسَوَاءٍ ،
يَدًا بِيَدٍ ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَصْنَافُ ، فَبِيعُوا كَيْفَ
شِئْتُمْ، إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ ).
والذي عليه عامة علمائنا المعاصرين ، والمجامع العلمية والفقهية : أن النقود
والعملات المتداولة بين الناس اليوم ، لها نفس أحكام النقدين ( الذهب والفضة ) .
وقد سبق بيان ذلك مفصلا في الفتوى رقم (129043)
.
وعلى ذلك : فلا يجوز للمسئولين أن يتعاملوا بهذه المعاملة , بل الواجب عليهم أن
يعدلوها ويخرجوا من المخالفة الشرعية ، إما بأن يطلبوا من الحاج أن يدفع لهم المال
بنفس العملة التي سيسلمونها له بعد ذلك ( الريال السعودي ) ، إذا كان لهم غرض في
توثيق طلبه وأوراقه ، وأن عنده من الكفاية المالية ما يسمح له بنفقات الرحلة . أو
بأن يردوها عليه بنفس العملة التي قبضوها ، وهو يصرفها بعد ذلك ، أو نحو ذلك من
المعاملات الصحيحة .
فإن تعذر ذلك ، أو لم تستجب
الجهات المسئولة لتصحيح المعاملة ، ولم يكن لكم سبيل إلى الحج ، إلا بمثل ذلك : فلا
حرج عليكم فحينئذ من الدخول فيها ، والإثم لاحق بالجهة المسئولة عن تنظيم الحج في
دولتك .
وينظر جواب السؤال رقم : (72268).
والله أعلم .