الحمد لله.
ثالثا :
يلزم ببلوغ الصبي الحلم التقيد بأحكام الشريعة التي تخصه ، فلا يصافح النساء ولا
ينظر إليهن ولا يختلي بامرأة ؛ لأنه صار مكلفا ، يحرم عليه ما يحرم على الرجال
البالغين لأنه منهم .
ولا يجوز الاستهانة بهذا الأمر ، ويجب الحزم فيه ، فيجب عليك الامتناع عن الذهاب
إلى مصلى النساء ، والامتناع عن مصافحة الأجنبيات والنظر إليهن ، ومنهن بنات عمك ،
وإن كرهن ذلك منك ؛ فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .
ويمكنك الاستعانة بأختك مثلا أو غيرها من حريم بيتك لتوضيح الموقف الشرعي أمام بنات
عمك ، وحيث أخذت الأمر مأخذ الجد فإنهن لا شك سيتفهمن الأمر على جليته .
وكذا لو أمرك والدك أو والدتك بالدخول على النساء أو مصافحتهن فلا يجوز لك طاعتهما
، إنما تكون الطاعة في المعروف ، أما في المعصية فلا طاعة لأحد .
ولا حرج عليك أن تبين لهما أنك قد بلغت مبلغ الرجال ، فيحرم عليك ما يحرم على
الرجال ، ويكون ذلك ببيان شرعي بأدب ولطف .
أو تستعين على ذلك بأحد من قرابتك .
راجع إجابة السؤال رقم : (45905)
، والسؤال رقم : (104165)
.
رابعا :
الغلام في سن الرابعة عشر إذا لم يكن قد بلغ فقد راهق البلوغ ، فمثله لا يجوز أن
يطلع على عورات النساء ، ولا بد للنساء أن يفهمن ذلك ، فيتحجبن عمن قارب البلوغ .
قال تعالى : ( وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا
وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ
إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ
أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي
إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ
أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ
الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ) النور/ 31
قال ابن كثير رحمه الله :
" قوله تعالى : ( أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ
النِّساءِ ) يَعْنِي لِصِغَرِهِمْ لَا يَفْهَمُونَ أَحْوَالَ النِّسَاءِ
وَعَوْرَاتِهِنَّ مِنْ كَلَامِهِنَّ الرَّخِيمِ وَتَعَطُّفِهِنَّ فِي الْمِشْيَةِ
وحركاتهن وسكناتهن، فإذا كَانَ الطِّفْلُ صَغِيرًا لَا يَفْهَمُ ذَلِكَ : فَلَا
بَأْسَ بِدُخُولِهِ عَلَى النِّسَاءِ ، فَأَمَّا إِنْ كَانَ مُرَاهِقًا، أَوْ
قَرِيبًا مِنْهُ، بِحَيْثُ يَعْرِفُ ذَلِكَ وَيَدْرِيهِ وَيُفَرِّقُ بَيْنَ
الشَّوْهَاءِ وَالْحَسْنَاءِ ، فَلَا يُمَكَّنُ مِنَ الدُّخُولِ عَلَى النِّسَاءِ "
انتهى من " تفسير ابن كثير" (6/ 45-46) .
وقِيلَ للإمام أحمد رحمه الله : مَتَى تُغَطِّي الْمَرْأَةُ رَأْسَهَا مِنْ
الْغُلَامِ؟ قَالَ: " إذَا بَلَغَ عَشْرَ سِنِينَ ".
انتهى من "المغني" (7/ 100) .
على أن بلوغ خمسة عشر عاما : معناه أنه أتم الأربعة عشرة ، وشرع في العام الخامس
عشر ، وهذا كثيرا ما يكون منطبقا على من يقول إن عمره : أربعة عشر عاما ، فإنه إذا
كان قد أكمل الأربعة عشرة ، فقد حصلت له هذه العلامة من علامات البلوغ .
كما أن الأعوام المعتبرة : هي الأعوام الهجرية ، لا الميلادية ، وهي سوف تكون أقل
مما لو كان الحساب بالأعوام الميلادية .
وضبط البلوغ في حقك بأنك قد بلغت هذه السن : ينفعك في دفع الحرج عنك في الحديث مع
أسرتك ، أو أقاربك ، فإن بلوغ السن لا حرج فيه ولا حياء .
فيجب على بنات عمك أن يَعِين
الحكم الشرعي ، فلا يجوز لهن أن ينكشفن عليك أو يصافحنك لبلوغك الحلم ، كما يجب
عليك عدم طاعتهن في معصية الله بمصافحتهن أو الذهاب إلى مصلى النساء .
ويجب على والدك إدراك ذلك ، وعليك أخذ هذا الأمر بقوة ، فإن الله لا يستحيي من الحق
، ولا بأس من التصريح عند الحاجة بالبلوغ وأنه لا يجوز لك مصافحة النساء ولا الدخول
عليهن .
والله أعلم .