الحمد لله.
الأصل جواز معاملة الكفار في مجال التجارة وسائر الأعمال الدنيوية ، ما لم يشتمل
ذلك على محرم , وعمل المسلم عند الكافر أجيرا , جائز بشروط , منها:
1- ألا يكون هذا العمل مشتملا على محرم , كبيع الخمر أو الخنزير أو التعامل بالربا
ونحو ذلك من المحرمات.
2- ألا يكون هذا العمل مشتملا على إعانة على محرم وإن لم يكن فيه مباشرة الحرام ؛
لأن الله سبحانه حرم التعاون على الإثم والعدوان , وجاءت الشريعة المطهرة بسد
الذرائع إلى الحرام , قال تعالى ( وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ
وَالْعُدْوَانِ ) المائدة/ 2 .
3- ألا يتضمن هذا العمل إذلال المسلم أو إهانته كخدمة الكافر مثلا فهذا غير جائز .
قال ابن قدامة :
"ولا تجوز إجارة المسلم للذمي لخدمته ؛ لأنه عقد يتضمن حبس المسلم عند الكافر،
وإذلاله له، واستخدامه
فأما إن آجر نفسه منه في عمل معين في الذمة ، كخياطة ثوب ، وقصارته ، جاز بغير خلاف
نعلمه ؛ لأن عليا - رضي الله عنه - آجر نفسه من يهودي ، يستقي له كل دلو بتمرة ،
وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فلم ينكره ، وكذلك الأنصاري ، ولأنه عقد
معاوضة لا يتضمن إذلال المسلم ، ولا استخدامه ، أشبه مبايعته" .
انتهى من المغني لابن قدامة (5 / 410) باختصار.
قال علماء اللجنة الدائمة " تأجير المسلم نفسه للكافر لا بأس به ، إذا كان العمل
الذي يقوم به مباحا: كبناء جدار أو بيع سلعة مباحة أو ما أشبه ذلك من الأعمال
المباحة ؛ لأن عليا رضي الله عنه أجر نفسه ليهودي بتمرات على نضح الماء له من البئر
، فعن ابن عباس رضي الله عنه، أن عليا رضي الله عنه: ( أجر نفسه من يهودي يسقي له
كل دلو بتمرة ) أخرجه البيهقي وابن ماجه" . انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة " - 1
(14 / 485) من جواب السؤال الثالث من الفتوى رقم : (15921).
أما هذا العمل في شركات
الاتصال والذي يستلزم من المسلم تغيير اسمه إلى اسم من أسماء الكفار المختصة بهم :
فإنه غير جائز ؛ لأنه لا يجوز للمسلم أن يتسمى باسم من أسماء غير المسلمين التي
يختصون بها .
قال ابن القيم رحمه الله : " الأسماء ثلاثة أقسام :
الأول : قسم يختص المسلمين : كمحمد ، وأحمد ، وأبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ،
وطلحة ، والزبير، فهذا النوع لا يمكَّنون – أي أهل الذمة - من التسمي به ، والمنع
منه أولى من المنع من التكني بكناية المسلمين .
والثاني : قسم يختص الكفار: كجرجس ، وبطرس ، ويوحنا ، ومتى ونحوها ، فلا يمنعون منه
, ولا يجوز للمسلمين أن يتسموا بذلك؛ لما فيه من المشابهة فيما يختصون به" .
انتهى من " أحكام أهل الذمة " (3 / 1317) بتصرف.
ومن المعلوم أن من يقيم ببلد
عربي مسلم ، ثم يتسمى باسم فرنسي ، أو نحوه : فإنه يريد أن يدل بذلك على أنه غير
مسلم ، وليس فقط غير عربي .
ثم إن في هذا الفعل من الكذب ما يمنع من الترخيص فيه من غير ضرورة ملجئة .
وفيه من الذلة والصغار والغضاضة على المسلم ، ما يتنافى مع عزه وتكريمه ، وقد سبق
منع الفقهاء للمسلم من إجارة نفسه من الكافر ، لما عليه فيه من الذلة .
وينظر جواب السؤال رقم : (182890)
.
والله أعلم .