الحمد لله.
ورواه البيهقي في "دلائل النبوة" (6/ 538) من طريق إِسْمَاعِيل بْن عَيَّاشٍ،
عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ قَيْسٍ التَّمِيمِيِّ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ
أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ: ( أَيُّ الْخَلْقِ أَعْجَبُ إِلَيْكُمْ إِيمَانًا؟ ) ، قَالُوا:
الْمَلَائِكَةُ ، قَالَ: ( وَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ وَهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ ؟
) ، قَالُوا : فَالنَّبِيُّونَ ، قَالَ : ( وَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ
وَالْوَحْيُ يَنْزِلُ عَلَيْهِمْ ؟ ) ، قَالُوا: فَنَحْنُ. قَالَ : ( وَمَا لَكُمْ
لَا تُؤْمِنُونَ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ ؟ ) ، قَالَ : فَقَالَ رَسُولُ اللهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( إِنَّ أَعْجَبَ الْخَلْقِ إِلَيَّ إِيمَانًا
لَقَوْمٌ يَكُونُونَ بَعْدَكُمْ يَجِدُونَ صُحُفًا فِيهَا كِتَابٌ يُؤْمِنُونَ
بِمَا فِيهَا ) .
المغيرة بن قيس ، قال أبو حاتم منكر الحديث .
"لسان الميزان" (6/ 79) .
وإسماعيل بن عياش ضعيف في روايته عن غير الشاميين وهذه منها ، فإن المغيرة بن قيس
بصري.
وللحديث شواهد وطرق أخرى ، لا يخلو شيء منها من ضعف ، وعلة .
وقد حسنه الشيخ الألباني رحمه الله بطرقه في "السلسلة (3215) . وينظر : "عمدة
التفسير" للشيخ أحمد شاكر(3/14) .
وينظر أيضا بحثا حول ذلك في هذا الرابط :
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=224330
ثانيا :
معنى الحديث - على فرض صحته ، أو تحسينه كما ذهب إليه بعض أهل العلم - : أن هؤلاء
الذين آمنوا بالصحف التي بلغتهم من عند الله ، إيمانا بغيب ، لم يشهدوا تنزيله ،
ولم يروا رسوله : هم أعجب إيمانا من غيرهم ، ممن رأى آيات ذلك عيانا ، أو شاهد رسول
الله صلى الله عليه وسلم ، والوحي ينزل عليه .
وهذا لا يدل على تقدم أفضلية هؤلاء على الصحابة ، وإنما يدل على أن إيمانهم يتعجب
منه لعلو منزلته في زمان انتشر فيه الكفر والجهل والانحراف .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" قَوْلُهُ: ( أَيُّ النَّاسِ أَعْجَبُ إيمَانًا ) إلَى قَوْلِهِ: ( قَوْمٌ
يَأْتُونَ بَعْدِي يُؤْمِنُونَ بِالْوَرَقِ الْمُعَلَّقِ ) هُوَ يَدُلُّ عَلَى
أَنَّ إيمَانَهُمْ عَجَبٌ أَعْجَبُ مِنْ إيمَانِ غَيْرِهِمْ ، وَلَا يَدُلُّ عَلَى
أَنَّهُمْ أَفْضَلُ ؛ فَإِنَّ فِي الْحَدِيثِ أَنَّهُمْ ذَكَرُوا الْمَلَائِكَةَ
وَالْأَنْبِيَاءَ ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْأَنْبِيَاءَ أَفْضَلُ مِنْ هَؤُلَاءِ
الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْوَرَقِ الْمُعَلَّقِ.
وَنَظِيرُهُ : كَوْنُ الْفُقَرَاءِ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ قَبْلَ الْأَغْنِيَاءِ ؛
فَإِنَّهُ لَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُمْ بَعْدَ الدُّخُولِ يَكُونُونَ أَرْفَعَ
مَرْتَبَةً مِنْ جَمِيعِ الْأَغْنِيَاءِ ، وَإِنَّمَا سَبَقُوا لِسَلَامَتِهِمْ
مِنْ الْحِسَابِ.
وَهَذَا بَابُ التَّفْضِيلِ بَيْنَ الْأَنْوَاعِ فِي الْأَعْيَانِ وَالْأَعْمَالِ
وَالصِّفَاتِ أَوْ بَيْنَ أَشْخَاصِ النَّوْعِ بَابٌ عَظِيمٌ يَغْلَطُ فِيهِ خَلْقٌ
كَثِيرٌ " انتهى من "مجموع الفتاوى" (11/ 371-372) .