الحمد لله.
وهذا حديث ضعيف ، وفيه علل :
أولا : مؤمل بن إسماعيل سيء الحفظ ، قال أبو حاتم: صدوق شديد في السنة ، كثير
الخطأ، وقال البخاري: منكر الحديث ، وقال أبو زرعة: في حديثه خطأ كثير.
"ميزان الاعتدال" (4/ 228) .
ثانيا : الوقف ، فقد خالفه من هو أوثق منه فأوقفه على ابن عباس .
قال ابن رجب رحمه الله :
" رواه قتيبة عن حماد بن زيد ، فوقفه ، واختصره ولم يتمه.
ورواه سعيد بن زيد - أخو حماد - عن عمرو بن مالك ورفعه .
والأظهر: وقفه على ابن عباس " انتهى من "فتح الباري" (1/ 24-25) .
وقال الشيخ الألباني رحمه الله :
" ويغلب على الظن : أن الحديث إن كان له أصل عن ابن عباس رضي الله عنه ، فهو موقوف
عليه ، فقد تردد حماد بن زيد بعض الشيء في رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، نعم
جزم برفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم سعيد بن زيد أخو حماد، لكنْ سعيد هذا ليس
بحجة ، كما قال السعدي ، وقال النسائي وغيره: ليس بالقوي " انتهى من "سلسلة
الأحاديث الضعيفة" (1/ 212) .
ثالثا : عمرو بن مالك النكري : لم يوثقه غير ابن حبان ، فهو في عداد المجهولين ؛
لأن ابن حبان رحمه الله يتساهل في التوثيق ، ومع ذلك فقد قال في ترجمته : " يعتبر
حديثه من غير رواية ابنه عنه ، يخطىء ويغرب "
انظر : "التهذيب" (8/ 96) .
فهذا الحديث ضعيف لا يصح مرفوعا ولا موقوفا ، وقد ضعفه الألباني في "الضعيفة" (94) .
وعلى فرض ثبوته فهو محمول ـ
في غير الصلاة على الزجر الشديد ـ وكونه كفرا دون كفر ، أو يحمل على المستحل للترك
.
قال ابن رجب :
" فقد جعل ابن عباس ترك هذه الأركان كفرا ، لكن بعضها كفر يبيح الدم ، وبعضها لا
يبيحه ، وهذا يدل على أن الكفر بعضه ينقل عن الملة ، وبعضه لا ينقل.
وأكثر أهل الحديث على أن ترك الصلاة كفر ، دون غيرها من الأركان ، كذلك حكاه محمد
بن نصر المروزي وغيره عنهم " انتهى من "فتح الباري" (1/25).
وقال المناوي رحمه الله :
" هو من قبيل الزجر والتهويل ، أو الحمل على مستحل الترك " .
انتهى من "فيض القدير" (4/ 311) .
ثانيا :
روى الإمام أحمد (25121) ، وأبو يعلى (4566) ، والحاكم (49) عَنْ عَائِشَةَ، أَنَّ
رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( ثَلَاثٌ أَحْلِفُ
عَلَيْهِنَّ : لَا يَجْعَلُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مَنْ لَهُ سَهْمٌ فِي الْإِسْلَامِ
كَمَنْ لَا سَهْمَ لَهُ ، وَأَسْهُمُ الْإِسْلَامِ ثَلَاثَةٌ : الصَّلَاةُ ،
وَالصَّوْمُ، وَالزَّكَاةُ ، وَلَا يَتَوَلَّى الله عَزَّ وَجَلَّ عَبْدًا فِي
الدُّنْيَا فَيُوَلِّيهِ غَيْرَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَلَا يُحِبُّ رَجُلٌ
قَوْمًا إِلَّا جَعَلَهُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ مَعَهُمْ ، وَالرَّابِعَةُ لَوْ
حَلَفْتُ عَلَيْهَا رَجَوْتُ أَنْ لَا آثَمَ: لَا يَسْتُرُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ
عَبْدًا فِي الدُّنْيَا إِلَّا سَتَرَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) .
صححه الحاكم ، وقال الهيثمي :
" رَوَاهُ أَحْمَدُ، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ، وَرَوَاهُ أَبُو يَعْلَى أَيْضًا " .
انتهى من "مجمع الزوائد" (1/ 37) .
وقال البوصيري في "إتحاف الخيرة" (1/102) : " إسناده جيد " .
وصححه الألباني في "الصحيحة" (1387) .
وهذا هو الصحيح ، أما حديث ابن عباس فضعيف لا يصح مرفوعا ولا موقوفا كما تقدم ، فلا
يحتج به .
وينظر : إجابة السؤال رقم : (9400) ،
والسؤال رقم : (106481) .
والله أعلم .