الحمد لله.
ثانيا :
من صفات الله تعالى : " الضحك " ، وهي صفة ثابتة بالنص والإجماع .
روى البخاري (2826) ، ومسلم (1890) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :
أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( يَضْحَكُ اللَّهُ
إِلَى رَجُلَيْنِ يَقْتُلُ أَحَدُهُمَا الآخَرَ يَدْخُلاَنِ الجَنَّةَ : يُقَاتِلُ
هَذَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، فَيُقْتَلُ ، ثُمَّ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَى القَاتِلِ ،
فَيُسْتَشْهَدُ ).
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" الضحك من صفات الله الثابتة له بالسنة ، وإجماع السلف . فيجب إثباته له من غير
تحريف ولا تعطيل ، ولا تكييف ، ولا تمثيل ، وهو ضحك حقيقي يليق بالله تعالى " انتهى
من " مجموع فتاوى ورسائل العثيمين" (5/ 33).
ثالثا :
لم يرد وصف الله تعالى بالابتسام فيما نعلم في حديث صحيح ، وغاية ما ورد في ذلك ما
رواه قوام السنة في " الترغيب والترهيب " (893) ، والضياء في " صفة الجنة " (145) ،
والثعلبي في " التفسير " (9/316) ، من طريق عثمان بن أبي مسلم ، عن أنس بن مالك قال
: " أبطأ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فلمّا خرج قلنا : أحبست ؟ .."
؛ فذكر حديثا طويلاً في فضائل الجمعة ، وفيه :
( إنّ في الجنّة وادياً ، رائحة نبته مسك أبيض ، يتنزل الله سبحانه وتعالى كل يوم
جمعة ، ويضع كرسيَّه فيه ، ثم يجاء بمنابر من نور وتوضع خلفه فتحفَّ منه الملائكة
ثم يجاء بكرسي من ذهب فيوضع ، ثمّ يجيئ النبيُّون والصدِّيقون والشهداء والمؤمنون
أهل الغرف فيجلسون .
ثمّ يتبسم الله سبحانه وتعالى فيقول : أي عبادي سلوا ، فيقولون : نسألك رضوانك .
فيقول : قد رضيت عنكم ...) .
وعثمان بن أبي مسلم ، هو عثمان بن عمير ، كما جاء في رواية قوام السنة ، وهو متروك
، قال البخاري : منكر الحديث ولم يسمع من أنس ، وقال أحمد وأبو حاتم : منكر الحديث
، وقال الدارقطني : متروك ، وقال ابن معين : ليس حديثه بشيء .
ينظر : " تهذيب التهذيب " (7 /132).
فلا يحتج بهذا الحديث في إثبات صفة " الابتسام " لله رب العالمين ، فنقف عند ما ثبت
من إثبات " الضحك" ، ولا نتعداه .
وعليه :
فقول القائل : " صباح التبسم من الله " قول لا يليق ولا يصح لما تقدم ، ولما فيها
من الجرأة على مقام الله جل جلاله .
فإن قصد بهذا القول أن هذا الصباح صباح مبتسم مشرق ، تفاؤلا وتيمنا به ، أو أننا سوف يكثر ابتسامنا في هذا الصباح ، وهذا من فضل الله ، كما يقول : صباح الخير ، يعني : من الله ؛ فلا حرج في ذلك ، إذا كان ذلك المعنى مرادا لقائله ، معروفا من السامع ، بحيث لا يقع فيه لبس .
على أن في تحية المسلمين :
السلام عليكم ورحمة الله ، وفي المعروف من كلمات التحية والترحيب والدعوة بالخير ،
ما يغني عن الوقوع في مثل ذلك اللبس والإشكال . وينظر جواب السؤال رقم : (105414).
والله أعلم .