الحمد لله.
أولا :
لا شك في وجود السحر وتأثيره على المسحور ، وأنه عمل خبيث من أعمال شياطين الإنس
والجن ، ولا سبيل إلى كشف ضره وإزالة أثره وإبطال شره إلا بالاستعانة بالله تعالى
واللجوء إليه ، عن طريق الدعاء والأذكار والرقى الشرعية ، مع حسن الظن بالله ،
والإيمان بأن الضر والنفع لا يكون إلا بإذنه سبحانه .
ينظر لمعرفة كيفية الوقاية من السحر وعلاجه جواب السؤال رقم : (11290)
، (12819) ، (12918)
، (13792) .
أما علاج السحر وفكه بسحر مثله ، والاستعانة في ذلك بالسحرة والعرافين الذين
يستعينون بالجن فلا يجوز ، وهو من الشرك .
وينظر لذلك جواب السؤال رقم : (48967).
ثانيا :
سحر التصفيح للبنات هو نوع من أنواع الربط ، تقوم به بعض الأمهات الجاهلات للحفاظ
بزعمهن على بناتهنَّ حتى تظل الواحدة عذراء إلى أن تتزوج ، ثم تذهب الأم أو غيرها
لتفك عنها السحر، وكثيرا ما يذهبون لفكه إلى السحرة والعرافين ، وهذا من الشرك
بالله تعالى كما تقدم .
وهذا النوع من الربط يقوم فيه الجن بسد موضع الجماع عند المعاشرة ، وكثيرا ما تظل
الفتاة مربوطة حتى وهي متزوجة ، مما ينتج عنه الكثير من المشاكل الأسرية والعائلية
.
وطريقة إزالة هذا السحر وغيره إنما تكون بالرقى الشرعية ، والمحافظة على تلاوة كتاب
الله وعلى الأذكار المطلقة والمقيدة ، كأذكار الصباح والمساء وأذكار الصلوات ،
وأذكار النوم ، وغير ذلك .
فإذا عرف مكان السحر ، وأمكن استخراجه وإبطاله ، فهذا من أحسن ما يعالج به المسحور
، قال ابن القيم رحمه الله :
" ذِكْرُ هَدْيِهِ صلى الله عليه وسلم فِي عِلَاجِ هَذَا الْمَرَضِ - يعني السحر -
وَقَدْ رُوِيَ عَنْهُ فِيهِ نَوْعَانِ:
أَحَدُهُمَا - وَهُوَ أَبْلَغُهُمَا - اسْتِخْرَاجُهُ وَإِبْطَالُهُ ، كَمَا صَحَّ
عَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ سَأَلَ رَبَّهُ سُبْحَانَهُ فِي
ذَلِكَ ، فَدَلَّ عَلَيْهِ فَاسْتَخْرَجَهُ مِنْ بِئْرٍ ، فَكَانَ فِي مُشْطٍ
وَمُشَاطَةٍ وَجُفِّ طَلْعَةِ ذَكَرٍ، فَلَمَّا اسْتَخْرَجَهُ ذَهَبَ مَا بِهِ
حَتَّى كَأَنَّمَا أُنْشِطَ مِنْ عِقَالٍ، فَهَذَا مِنْ أَبْلَغِ مَا يُعَالَجُ
بِهِ الْمَطْبُوبُ ، وَهَذَا بِمَنْزِلَةِ إِزَالَةِ الْمَادَّةِ الْخَبِيثَةِ
وَقَلْعِهَا مِنَ الْجَسَدِ بِالِاسْتِفْرَاغِ ... " انتهى من " زاد المعاد"(4/
114) .
فإذا كان هذا التصفيح قد عمل بواسطة حجر ، فأمكن كسر هذا الحجر وتفتيته ، أو كان في
ورقة ، فأمكن استخراجها وحرقها وإزالة ما فيها من كتابة : فهذا جيد وهو من أنفع
العلاج من السحر .
ثالثا :
بعض الناس قد يظن بمجرد تعطل بعض المصالح أنه مسحور ، ويغلب عليه هذا الظن حتى يصير
بمنزلة اليقين عنده ، وربما كان في الحقيقة مجرد توهم لا أصل له
سئل الشيخ ابن باز رحمه الله :
أنا أبلغ من العمر ثماني وعشرين سنة ، ولم أتزوج بعد ، وعندي شك بأنني مسحورة، ما
هو الطريق الذي أسلكه حتى يبتعد عني ما أخافه ؟
فأجاب : " هذه يا بنتي أوهام ، لا ينبغي لك أن تعتقديها ، هذه أوهام وليست سحرا ،
ولكنها الأوهام التي تصيب الناس إذا تعطل شيء من شؤونهم ، توهموا أشياء فلا ينبغي
لك أن تعتقدي هذا ، نعم، السحر موجود وله أسباب ، لكن ليس تعطل الزواج أو تعطل بيع
السلعة، أو طول المرض يدل على السحر، فقد يقع بأسباب أخرى ، وإذا كنت شعرت من أحد ،
أنه فعل شيئا أوجب لك ما يضرك : تعالجي، والحمد لله، العلاج موجود في كلام الله ،
وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم ، فأحسن علاج وأولى علاج القرآن الكريم ، وتلاوة
الآيات والنفث بها، على المسحور فإن هذا من أسباب شفاء الله ، فقد جعل كتابه شفاء
من كل داء ، وشفاء من كل سوء، فالقرآن كله شفاء ، ولا سيما إذا قرأه القارئ المؤمن
، المعروف بالاستقامة إذا قرأه على المريض ، ونفث عليه ودعا له ، فلا شك أن هذا من
أسباب الإجابة ، قد كان الرسول صلى الله عليه وسلم يرقي بعض أصحابه ، بل رقاه
جبرائيل فالرقى معروفة، فإذا ظنت المرأة أنها مسحورة ، أو الرجل ، فليستعن بما شرع
الله من الدعاء، وسؤال الله العافية، ولا مانع أن يستعين ببعض أهل العلم ،
المعروفين بالخير في القراءة عليه ، والنفث عليه وذلك من أسباب الشفاء ، ومن أسباب
الشفاء أيضا قراءة آيات السحر التي في سورة الأعراف ، ويونس ، وطه في إناء به ماء ،
ثم يقرأ معها آية الكرسي ، وقل هو الله أحد والمعوذتين ، ثم يشرب من هذا الماء ثلاث
حسوات ، ثم يغتسل بالباقي هذا مجرب في زوال السحر ، إذا كان موجودا عنده سحر، ومجرب
في شأن الرجل إذا حبس عن زوجته " .
انتهى باختصار من "فتاوى نور على الدرب" (3/ 307-309).
فننصحك بالاستدامة على طاعة
الله وعبادته وذكره ، والاستعانة به وحسن الظن به ، والصبر واللجوء إلى الله تعالى
في كشف الضر ، بكثرة الدعاء والتضرع ، وانشغلي بالدواء أكثر من انشغالك بالداء ،
فإنه يزول عنك بذلك بإذن الله ، ومنه وكرمه .
والله تعالى أعلم .