الحمد لله.
وذلك لأن هذه الهدية هي في
حقيقتها رشوة ، لأن هذه الهدية لا يقصد بها الشخص بعينه ، وإنما يقصد بها المنصب ،
فمن كان في هذا المنصب جاءته تلك الهدايا ، ومتى ترك منصبه لم يذكره أحد بشيء من
هداياه ، وربما لم يذكره ولو بالسلام !!
وهذا هو الفرق بين الهدية المحرمة للموظف ، والهدية الجائزة .
فالهدية التي يراد بها الشخص
، سواء كان في ذلك المنصب أو لا : هي صِلَة جائزة ، كالهدايا التي تكون بين
الأصدقاء والأقارب والجيران .
والهدية التي يراد بها المنصب : هي رشوة محرمة .
وقد فرق الرسول صلى الله عليه وسلم بينهما في حديثه ، لما أرسل أحد الرجال ليجمع
الصدقة فجاء بأموال وقال : هذا لكم ، وهذا أهدي إليه ، فقام الرسول صلى الله عليه
وسلم خطيبا ، وكان مما قال : (مَا بَالُ الْعَامِلِ نَبْعَثُهُ فَيَأْتِي يَقُولُ :
هَذَا لَكَ ، وَهَذَا لِي ، فَهَلَّا جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ وَأُمِّهِ ،
فَيَنْظُرُ : أَيُهْدَى لَهُ أَمْ لَا؟) رواه البخاري (7174) ، ومسلم (1832) .
قال النووي رحمه الله في شرح "مسلم" : "وفي هذا الحديث بيان أن هدايا العمال حرام
وغلول، لأنه خان في ولايته وأمانته ، وقد بين صلى الله عليه وسلم في نفس الحديث
السبب في تحريم الهدية عليه ، وأنها بسبب الولاية ؛ بخلاف الهدية لغير العامل ،
فإنها مستحبة .
وحكم ما يقبضه العامل ونحوه باسم الهدية : أنه يرده إلى مُهْديه ، فإن تعذر : فإلى
بيت المال" انتهى.
وهذا هو ضابط الفرق بين الهدية الجائزة والمحرمة ، فإن كانت الهدية ستصل إليك ولو
كنت في بيتك ، ولو لم تعمل في هذه الوظيفة : فهي جائزة .
وإن كانت لا تصل إليك إلا إذا كنت في هذه الوظيفة ، كما هو الظاهر من حالك ، وحال
مثل هذه الشركات معك : فهي حرام .
وسبب تحريم هذه الهدية : أنها لا بد أن تؤثر في نفس المعطَى ، فيميل مع من أعطاه ،
ويحابيه في العمل على حساب الحق ، فلذلك جاء الشرع بسد الباب من أصله ، ومنع العامل
(الموظف) من مثل هذه الهدايا ، حتى وإن كان هناك من الاحتياطات والتدابير ، ما
يتعذر معه ميل الموظف ، أو محاباته .
ثانيا :
لا يجوز لك أن تدخل معهم شريكا ، لأنك بهذا ترتكب محظورين اثنين :
الأول : أنك تربح من شركتك بدون علمها ، والوكيل والموظف لا يجوز له أن يفعل ذلك ،
من غير إذن صاحب العمل الذي ائتمنه في عمله .
الثاني : أن ذلك سيؤثر على أمانتك ، ولا بد . بل لو لم يكن في ذلك إلا أنك ستضع
نفسك في موضع تهمة وشبهة ، لكان الواجب عليك أن تنأى بنفسك عنه ؛ إذ كيف تكون رقيبا
مشرفا على شركة ، أنت شريك فيها ، وتنتظر الربح منها ، أو تنظر هدية من صاحبها
ومديرها؟!
فاحرص ، يا عبد الله ، على
طيب المكسب ، فإن كل إنسان سوف يُسأل يوم القيامة عن ماله : من أين اكتسبه ؟ وفيم
أنفقه ؟
وفقك الله لكل خير
وانظر لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم : (134425)
.
والله أعلم .