الحمد لله.
وبعض أهل العلم يجعل التصوير الفوتوغرافي من قبيل التصاوير المحرمة التي جاءت النصوص بتحريمها والنهي عنها , وهذا هو المفتى به في الموقع , كما سبق بيانه في الفتوى رقم : (13633) , والفتوى رقم : (102988) .
وعلى هذا القول : فإنه لا
فرق في ذلك بين الصور الملونة ، وغير الملونة التي هي باللونين الأبيض والأسود ,
لأن العلة في تحريم التصاوير هي مضاهاة خلق الله سبحانه .
وقد روى البخاري (5954 ) ، ومسلم (2107) واللفظ له ، عن عَائِشَةَ رضي الله عنها
قالت : "دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ
سَتَرْتُ سَهْوَةً لِي بِقِرَامٍ فِيهِ تَمَاثِيلُ ، فَلَمَّا رَآهُ هَتَكَهُ ،
وَتَلَوَّنَ وَجْهُهُ ، وَقَالَ : يَا عَائِشَةُ ، أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا
عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ ،
قَالَتْ عَائِشَةُ : فَقَطَعْنَاهُ فَجَعَلْنَا مِنْهُ وِسَادَةً أَوْ
وِسَادَتَيْنِ ) .
والمضاهأة ، معناها : المشابهة .
قال القرطبي في تفسيره (8 / 118) " قوله تعالى: (يضاهئون قول الذين كفروا من قبل) "
يضاهؤن" : يشابهون، ومنه قول العرب: امرأة ضهياء للتي لا تحيض , أو التي لا ثدي
لها، كأنها أشبهت الرجال " انتهى.
وجاء في " فتح الباري " (10 / 387) :" ( أَشَدُّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ
الْقِيَامَةِ الَّذِينَ يُضَاهُونَ بِخَلْقِ اللَّهِ) أَيْ يُشَبِّهُونَ مَا
يَصْنَعُونَهُ بِمَا يَصْنَعُهُ اللَّهُ " انتهى.
وإذا ثبت أن العلة هي المضاهأة ، فلا فرق بين الأبيض والأسود ؛ لأن كليهما مضاهأة
ومشابهة لخلق الله , وإن كانت المضاهأة والمشابهة في الصور الملونة أبلغ .
والله أعلم .