الحمد لله.
أما أموال الأب التي كانت له ، قبل مشاركة أبنائه له في التجارة ، مشاركة ظاهرة لها أثر في نماء المال : فهذه أمرها واضح ، وهي على ملك الأب .
وكذلك الحال : فيما استقل به بعض الأبناء من مالهم ، وتنميته بصورة مستقلة عن مال الأب ، فهذه أيضا لمن هي له ، دون والده ، ودون بقية إخوته .
لكن المشكلة فيما بين ذلك : القدر الذي شارك الأبناء في نمائه من مال الأب ، سواء كان مكتوبا باسم الأب ، أو تمت كتابته باسم بعض الأبناء .
والذي يظهر هنا أن يقال : إن الأبناء الذين شاركوا الأب في عمله ، لهم من ذلك : حصة العامل المضارب [ شريك بالجهد في استثمار المال ] ، فتعتبر أعمال الوالد وتجارته : كأنها شركة ، الوالد صاحب رأس المال ، والأولاد الذين عملوا معه هم العمال [ شركاء بجهدهم ] ، وإن كان الوالد يعمل معهم : فهو شريكهم أيضا في هذه النسبة ، ثم تقسم حصة هؤلاء من الربح ، بحسب عرف الناس في بلدكم ، في مثل هذه الأعمال [ النصف ، الربع .. ] ، تقسم على الأبناء الذين شاركوا الوالد في عمله .
ثم يضم باقي الأرباح ، إلى رأس المال ، ويعتبر ملكا خالصا للأب ، يقسم على أبنائه من بعده كما يقسم الميراث ، وإن شاء أن يملكهم إياه في حياته ، فلا حرج عليه ، إذا عدل بينهم فيه .
مع أنه ينبغي مراعاة تعقد مثل هذه المشكلات جدا ، وتداخل عوامل كثيرة فيها ، مع مرور الوقت ، وطول المدة ، من تغير ظروف ، وأعراف ، و...
فلذلك : لا يمكن القضاء البت في مثل ذلك ، ولا بد أن يكون فيه قدر كبير من المصالحة ، والمسامحة ، بين أطراف القضية ، أصحاب الحق في ذلك ، الذين هم ، قبل كل شيء : إخوة وأرحام .
والله أعلم .