الحمد لله.
وعلى القول بأنها جنة في الأرض - وهو قول مرجوح - : يكونان قد أخذا من ورق هذه الجنة الأرضية ، وجعلا يستران به عوراتهما .
وأما القول بأنهما كانا في الأرض ، واستترا بورق من شجر جنة الخلد ، كان قد نزل معهما ، أو كان من شجر جنة الخلد في الدنيا : فهذا لا نعلم أن أحدا قال به أصلا ، وهو تكلف واضح ، لا وجه له ، ولا حاجة إليه .
ثانيا :
لا إشكال فيما استشكله السائل حول كيفية وسوسة إبليس لآدم وحواء عليهما السلام وقد
طرده الله من الجنة ، لإمكان أن يقف إبليس خارج الجنة قريباً من طرفها ، بحيث يسمع
آدم كلامه وهو في الجنة ، وإمكان أن يدخله الله إياها لامتحان آدم وزوجه ، لا
لكرامة إبليس ، فإن الشياطين تدخل المساجد وتوسوس للمصلين ، والمساجد بيوت الله
التي أذن أن ترفع ويذكر فيها اسمه ، ومع ذلك فلا إشكال في دخول الشياطين المساجد ،
لحصول الابتلاء بهم ، فتظهر أنواع من العبودية لم تكن لتظهر إلا بذلك ، من مجاهدة
النفس والشيطان وحصول تمام الخشوع بالمجاهدة ، والعمل على تدبر القرآن ، واستحضار
القلب بين يدي الله في الصلاة ، إلى غير ذلك .
وانظر حول هذه المسألة : جواب السؤال رقم : (111596).
ثالثا :
الالتباس الذي يحصل لك أحيانا عند قراءة كتب التفسير والنظر في معاني القرآن علاجه
بما يلي :
- استعذ بالله من الشيطان الرجيم ، واسأل الله تعالى العصمة منه ، واسأله سبحانه
فهم كتابه .
- لا تكثر من إيراد التساؤلات والإشكالات على نفسك ، فإن هذا القرآن سهل طيب مبارك
، فافهم من معانيه ما يمكن أن يحيط به عقلك ، وإذا أشكل عليك شيء فرده إلى عالمه ،
فتجمع بين فائدة النظر في كتب أهل العلم ، ومطالعة كلامهم ، وبين السؤال المباشر ،
والسماع منهم ، خاصة فيما أشكل أمره عليك .
روى أحمد (6702) عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، قَالَ
: لَقَدْ جَلَسْتُ أَنَا وَأَخِي مَجْلِسًا مَا أُحِبُّ أَنَّ لِي بِهِ حُمْرَ
النَّعَمِ ، أَقْبَلْتُ أَنَا وَأَخِي وَإِذَا مَشْيَخَةٌ مِنْ صَحَابَةِ رَسُولِ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جُلُوسٌ عِنْدَ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِه ِ،
فَكَرِهْنَا أَنْ نُفَرِّقَ بَيْنَهُمْ ، فَجَلَسْنَا حَجْرَةً - أي ناحية - ، إِذْ
ذَكَرُوا آيَةً مِنَ الْقُرْآنِ ، فَتَمَارَوْا فِيهَ ا، حَتَّى ارْتَفَعَتْ
أَصْوَاتُهُمْ ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُغْضَبًا
، قَدِ احْمَرَّ وَجْهُهُ ،
يَرْمِيهِمْ بِالتُّرَابِ ، وَيَقُولُ : ( مَهْلًا يَا قَوْمِ ، بِهَذَا أُهْلِكَتِ
الْأُمَمُ مِنْ قَبْلِكُم ْ، بِاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ ،
وَضَرْبِهِمُ الْكُتُبَ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ ، إِنَّ الْقُرْآنَ لَمْ يَنْزِلْ
يُكَذِّبُ بَعْضُهُ بَعْضًا ، بَلْ يُصَدِّقُ بَعْضُهُ بَعْضًا، فَمَا عَرَفْتُمْ
مِنْهُ ، فَاعْمَلُوا بِهِ ، وَمَا جَهِلْتُمْ مِنْهُ ، فَرُدُّوهُ إِلَى عَالِمِهِ
). وصححه محققو المسند .
والله تعالى أعلم .