الحمد لله.
ثانيا :
هذا الفعل منكم وإن كان حرصاً على المقاول : لكنه لا يجوز لكم شرعاً ، فأنتم مشرفون
على العمل ، وشهداء على ما يُنجز منه ، ولا يجوز لكم الشهادة بخلاف الواقع ، ولو
كانت دفعة العمل المنجَز ستتأخر ، فهذا أمر معروف في عالم المقاولات والمشاريع ، ثم
قد يتوقف عمل المقاول لسبب قاهر ، فكيف سيكون موقفكم عندما يعلم رب العمل أن ما
دفعه ، لم يتم إنجاز العمل المكافئ له فعليا ؟!
ثم إنه قد تترتب غرامات على المقاول بسبب تأخره ، أو توقيفه للعمل دون عذر مقبول ،
والأصل أن يكون عمله سابقاً على المال المستحق ، لا العكس ، ما دام قد تم الاتفاق
معه على ذلك ، فهذا شرط ملزم له ، وليس له الحق في المطالبة بشيء يخالف هذا الشرط .
فشهادتكم هذه غير شرعية ، ولا يحل لكم كتابة خلاف الواقع من عمل غير منجَز ، ويمكن للمقاول أن يسعى هو في المطالبة بحقه من رب العمل ، وينبغي أن يُعلم أنه لا علاقة لجهة الإشراف بالأمور المالية بين رب العمل والمقاول ، فعملكم محدد معلوم ، ولعلَّ نظرة بعض المشرفين إلى المال : هي التي جعلتهم يطمعون إما في رب العمل ، وإما في المقاول ، أو في الاثنين معاً ، وهو ما لا يحل لهم شرعاً .
ثالثا :
إذا تأخر المقاول عن تنفيذ المشروع في الوقت المحدد فإنه يلزمه دفع غرامة التأخير
المتفق عليها لرب العمل ، وذلك بشرطين :
1- أن يتضرر رب العمل فعلا من هذا التأخير .
2- أن يكون التأخير قد تم بتقصير منه ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم :
(107208) .
أما إذا كان التأخير بسبب قهري خارج عن إرادته ، أو كان بسبب صاحب العمل ، فلا يجوز
تحميل المقاول الغرامة حينئذ .
وعلى هذا يكون الجواب :
ففي الحالة التي يلزم المقاول دفع غرامة التأخير يجب عليكم الشهادة بالواقع كما هو
، ولا يجوز التلاعب في الأوراق ، فإن ذلك سيترتب عليه حرمان صاحب العمل من حقه .
وفي الحالة التي لا يلزمه فيها تحمل الغرامة ولم يكن هناك وسيلة لتبرئته منها إلا
بتحرير المحضر بتاريخ سابق ، فلا حرج في ذلك ، لأنكم مضطرون إلى هذا لدفع الظلم عنه
، وحتى لا يأخذ صاحب العمل ما لا يستحق .
والله أعلم .