هل يصح أن نقول : إن الاستغفار حياة القلوب ؟
الحمد لله.
الاستغفار سبب من أسباب حياة القلب وهدايته ونوره ، ذلك أنه سبب لرحمة الله ، قال الله تعالى : ( لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ) النمل/ 46.
وقال بعض السلف : ” ما ألهم الله سبحانه عبداً الاستغفار وهو يريد أن يعذبه ” .
انتهى من ” إحياء علوم الدين ” (1/ 313) .
والاستغفار من ذكر الله ، والذكر تحيا به القلوب .
قال ابن القيم رحمه الله :
” الذِّكْرُ يُثْمِرُ حَيَاةَ الْقَلْبِ ” انتهى من “مدارج السالكين” (2/ 29) .
والاستغفار دواء القلوب من الذنب ، الذي هو أساس كل بلية ؛ قال قَتَادَةَ: ” إِنَّ الْقُرْآنَ يَدُلُّكُمْ عَلَى دَائِكُمْ وَدَوَائِكُمْ ، أَمَّا دَاؤُكُمْ فَذُنُوبُكُمْ ، وَأَمَّا دَوَاؤُكُمْ فَالِاسْتِغْفَارُ ” .
انتهى من “شعب الإيمان” (9/ 347) .
والاستغفار من أعظم أسباب جلاء القلب وصقله ، وتنظيفه من الرين والوسخ ، والغفلة والسهو .
قال ابن القيم رحمه الله :
” قلت لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى يوماً: سئل بعض أهل العلم أيهما أنفع للعبد التسبيح أو الاستغفار؟ فقال : إذا كان الثوب نقياً : فالبخور وماء الورد أنفع له ، وإذا كان دنساً : فالصابون والماء الحار أنفع له .
فقال لي رحمه الله تعالى : فكيف والثياب لا تزال دنسة ؟ ” .
انتهى من “الوابل الصيب” (ص: 92).
والمراد بالبخور وماء الورد في هذا المثل : التسبيح ونحوه .
والمراد بالصابون : الاستغفار ، لأنه يطهر من الذنب ، كما ينظف الصابون البدن والثوب .
وروى مسلم (2702) عَنِ الْأَغَرِّ الْمُزَنِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: ( إِنَّهُ لَيُغَانُ عَلَى قَلْبِي ، وَإِنِّي لَأَسْتَغْفِرُ اللهَ ، فِي الْيَوْمِ مِائَةَ مَرَّةٍ ) .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : “والغين حجاب رقيق أرق من الغيم ، فأخبر صلى الله عليه وسلم أنه يستغفر الله استغفارا يزيل الغين عن القلب ” انتهى من “مجموع الفتاوى” (15/283) .
وروى أحمد (8792) ، والترمذي (3334) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ الْمُؤْمِنَ إِذَا أَذْنَبَ كَانَتْ نُكْتَةٌ سَوْدَاءُ فِي قَلْبِهِ ، فَإِنْ تَابَ وَنَزَعَ وَاسْتَغْفَرَ صُقِلَ قَلْبُهُ ، وَإِنْ زَادَ زَادَتْ حَتَّى يَعْلُوَ قَلْبَهُ ، فَذَاكَ الرَّيْنُ الَّذِي ذَكَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْقُرْآنِ [ كَلا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ] ) . حسنه الألباني في ” صحيح الترمذي “(2654) .
فالاستغفار يعيد إلى القلب حياته وبياضه الذي قد يكون فقد شيئا منه بسبب الذنوب .
وينظر للاستزادة جواب السؤال رقم : (104919) .
والله تعالى أعلم .