الحمد لله.
وروى البخاري (3818) ومسلم (2435) عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ
عَنْهَا، قَالَتْ: ( مَا غِرْتُ عَلَى أَحَدٍ مِنْ نِسَاءِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَا غِرْتُ عَلَى خَدِيجَةَ، وَمَا رَأَيْتُهَا، وَلَكِنْ
كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُكْثِرُ ذِكْرَهَا، وَرُبَّمَا
ذَبَحَ الشَّاةَ ثُمَّ يُقَطِّعُهَا أَعْضَاءً، ثُمَّ يَبْعَثُهَا فِي صَدَائِقِ
خَدِيجَةَ ).
قال النووي رحمه الله :
" فِي هَذَا دَلِيلٌ لِحُسْنِ الْعَهْدِ وَحِفْظِ الْوُدِّ، وَرِعَايَةِ حُرْمَةِ
الصَّاحِبِ وَالْعَشِيرِ فِي حَيَاتِهِ وَوَفَاتِهِ، وَإِكْرَامِ أَهْلِ ذَلِكَ
الصَّاحِبِ " انتهى .
فاتصالك بأهل أصدقائك وقضاء حاجاتهم هو من الوفاء لأصدقائك ومراعاة حقوقهم ، وهو من الإيمان ، فمن فعل ذلك فهو أكمل إيمانا ممن لم يفعله .
ولكن ، ومع ذلك ... فما ذكرته لك والدتك هو أمر قد يكون له وجاهته ، بالنسبة لبعض الأشخاص ، أو بعض الأسر ، لاسيما وأن من الناس من يكون ضعيف الصبر ، فكلما رأى صديق ابنه المتوفى ، تذكر مصابه ، وقد يبقى بسبب ذلك أياما حزينا مكتئبا .
وعلى هذا ؛ فالذي ينبغي أن تراعي ذلك ، فتنظر إلى حال هؤلاء ، فإن كان
اتصالك بهم مما يزيدهم حزنا ، ويذكرهم بمصابهم : فينبغي أن لا تتصل بهم ، أو تتركهم
مدة يغلب على ظنك فيها أنهم قد تجاوزا تلك المصيبة ، ثم تتصل بهم وتتعاهدهم بعد ذلك
.
وإن رأيت أنهم صابرون ، وأنهم يسرون باتصالك ومساعدتك لهم ، فذلك عمل صالح وهو من
الإيمان ، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم .
وهذا أمر تعرفه أنت من خلال تواصلك السابق ، هذه المدة معهم ؛ فإن وجدتهم على الأنس
بك ، ومحبة التواصل معك : فلا تقطع عنهم ذلك ؛ فإن قطعهم عن ذلك ، بعد ما آنستهم به
: شديد.
والله أعلم .