وهبت الجدة لحفيدها قطعة أرض ، وبعد موتها يطالبه الورثة بردها في الميراث

27-01-2016

السؤال 225694


تنازلت أمي عن حقها في قطعة أرض إلى ابني برضا كامل منها دون أي إكراه ، والآن بعد وفاة الوالدة فإن الورثة من ذكور وإناث بعضهم يقبل بهذا الأمر وبعضهم يرفضه ، ويطالب بعودة ما جعلته أمي لابني لكي يوزع مع الميراث .

وسؤالي الآن :

ما الحكم في عمل أمي علما أن ما كتبته هو لابني وليس لي، فهل عملها جائز لا إثم به عليها، أم أنه غير جائز وينالها منه الإثم ؟

وهل يحل هذا لابني فيأخذه وينتفع به ، أم أنه يجب أن يرده ليوزع على ورثة جدته تقسيم الميراث ؟

الجواب

الحمد لله.


جاءت الشريعة المباركة بوجوب العدل بين الأولاد في العطيات والهبات ، ودليل ذلك ما رواه البخاري (2587 ) ، ومسلم (1623) عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ قَالَ : " تَصَدَّقَ عَلَيَّ أَبِي بِبَعْضِ مَالِهِ ، فَقَالَتْ أُمِّي عَمْرَةُ بِنْتُ رَوَاحَةَ : لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَانْطَلَقَ أَبِي إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِيُشْهِدَهُ عَلَى صَدَقَتِي ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَفَعَلْتَ هَذَا بِوَلَدِكَ كُلِّهِم ْ؟) ، قَالَ : لَا ، قَالَ : (اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا فِي أَوْلَادِكُمْ) فَرَجَعَ أَبِي فَرَدَّ تِلْكَ الصَّدَقَةَ" .
ولمسلم (1623) : " فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَا بَشِيرُ ، أَلَكَ وَلَدٌ سِوَى هَذَا؟ ) ، قَالَ : نَعَمْ ، فَقَالَ : ( أَكُلَّهُمْ وَهَبْتَ لَهُ مِثْلَ هَذَا؟ ) ، قَالَ : لَا ، قَالَ : ( فَلَا تُشْهِدْنِي إِذًا ، فَإِنِّي لَا أَشْهَدُ عَلَى جَوْرٍ ) . "
قال ابن قدامة رحمه الله : "يجب على الإنسان التسوية بين أولاده في العطية ، إذا لم يختص أحدهم بمعنى يبيح التفضيل ، فإن خص بعضهم بعطيته ، أو فاضل بينهم فيها : أثم ، ووجبت عليه التسوية بأحد أمرين ; إما رد ما فَضَّل به البعض ، وإما إتمام نصيب الآخر ، قال طاوس : لا يجوز ذلك ، ولا رغيف محترق ، وبه قال ابن المبارك وروي معناه عن مجاهد ، وعروة" انتهى من "المغني" (5/ 387).

وأما الأحفاد فلا يجب على الجد أن يسوي بينهم في العطية كما سبق بيانه في الفتوى رقم : (200713) ، (153385) ، (220499).
إلا إذا دلت القرائن على أنها قصدت بذلك نفع ابنها، فأعطت الحفيد هذه العطية حيلة لتفضيل الابن على إخوته ، فالهبة في هذه الحال باطلة يجب ردها في الميراث .
أما إذا لم يوجد دليل على ذلك ، والمرأة قد وهبت هذه الهبة لحفيدها وهي في صحتها وبرضاها : فإن الهبة صحيحة نافذة ، وهي مأجورة عليها إن شاء الله تعالى ؛ لأنها من جنس فعل الخير الذي وصى الله به عباده بقوله تعالى (وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)الحج/ 77 ، وهو أيضا من جنس صلة الرحم وإيتاء ذي القربى المندوب إليه في قوله تعالى : (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا) الإسراء/ 26.
ولا يجب على الحفيد أن يرد هذه الهبة بعد وفاة جدته لتوزع ضمن التركة.
والله أعلم.

الهدية والهبة والعطية
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب