الحمد لله.
أولا :
يجب على الأب أن يعدل بين أولاده في العطية ، وقد سبق بيان ذلك في جواب السؤال رقم : (22169) .
وهذا الحكم إنما هو في الأولاد فقط ، أما الأحفاد وغيرهم من الأقارب فلا حرج في تفضيل بعضهم على بعض عند جمهور العلماء .
قال ابن قدامة في " المغني " (6/303) : " وجبت التسوية بين الأولاد بالخبر وليس غيرهم في معناهم ؛ لأنهم استووا في وجوب بر والدهم فاستووا في عطيته ، وبهذا علل النبي صلى الله عليه وسلم حين قال: ( أيسرك أن يستووا في برك؟ ) ، قال : نعم ، قال : ( فسوّ بينهم ) ولم يوجد هذا في غيرهم ... ولأن الأولاد لشدة محبة الوالد لهم ، وصرف ماله إليهم عادة يتنافسون في ذلك " انتهى .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " فإن قال قائل : وهل يشمل ذلك الجد ، يعني : لو كان له أولادُ أولادٍ ، فهل يجب أن يُعَدِّل بينهم ؟
الجواب : الظاهر أنه لا يجب ؛ لأن قوة الصلة بين الأب وابنه ، أقوى من قوة الصلة بين الجد وأبناء أبنائه ، لكن لو كان هناك خوف من قطيعة رحم ، فيتجه مراعاتهم بأن يعطي من يعطي على وجه السر " انتهى من " الشرح الممتع " (11/84) .
فيجوز للجد أن يخص بعض أحفاده بهدية أو وصية ولكن بشرط أن لا يكون إعطاؤه للحفيد حيلةً لزيادة نصيب ابنه الذي هو والد ذلك الحفيد . وينظر جواب السؤال : (153385) .
ثانيا :
قد ذكرت أن والدك كتب في وصيته أن البيت سيكون من نصيب حفيده بعد وفاته ، وهذا معناه أن الجد لم يُمَلِّك البيت لحفيده في حياته ، وإنما أوصى له به بعد وفاته ، وهذا جائز بشرط أن يكون البيت ثلث تركة الجد فأقل ، فإن جاوز الثلث لم تنفذ الوصية إلا في مقدار ثلث التركة فقط ، وما بقي (الثلثان) يكون للورثة ، يقسم عليهم حسب القسمة الشرعية .
وينبغي أن تطيب أنفسكم بما يفعله والدكم في أمواله ما دام لم يفعل شيئا حراما ولم يخالف الشرع ، وينبغي أن يعلم الجد أن الوصية لا تستحب شرعا إلا إذا كان الرجل غنيا وترك لورثته ما يغنيهم ، فيوصي بما زاد على ذلك بشرط أن لا يتجاوز الثلث . قال الله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) البقرة/180.
ومعنى : (تَرَكَ خَيْرًا) : أي : ترك مالا كثيرا .
قال ابن قدامة رحمه الله :
"وَاَلَّذِي يَقْوَى عِنْدِي : أَنَّهُ مَتَى كَانَ الْمَتْرُوكُ لَا يَفْضُلُ عَنْ غِنَى الْوَرَثَةِ ، فَلَا تُسْتَحَبُّ الْوَصِيَّةُ ؛ لِأَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَّلَ الْمَنْعَ مِنْ الْوَصِيَّةِ بِقَوْلِهِ : ( أَنْ تَتْرُكَ وَرَثَتَكَ أَغْنِيَاءَ ، خَيْرٌ مِنْ أَنْ تَدَعَهُمْ عَالَةً ) ... فَمَتَى لَمْ يَبْلُغْ الْمِيرَاثُ غِنَاهُمْ ، كَانَ تَرْكُهُ لَهُمْ أَفْضَلَ مِنْ الْوَصِيَّةِ بِهِ لِغَيْرِهِمْ ، فَعِنْدَ هَذَا يَخْتَلِفُ الْحَالُ بِاخْتِلَافِ الْوَرَثَةِ فِي كَثْرَتِهِمْ وَقِلَّتِهِمْ ، وَغِنَاهُمْ وَحَاجَتِهِمْ ، فَلَا يَتَقَيَّدُ بِقَدْرٍ مِنْ الْمَال . وَاَللَّهُ أَعْلَمُ . وَقَدْ قَالَ الشَّعْبِيُّ : مَا مِنْ مَالٍ أَعْظَمُ أَجْرًا ، مِنْ مَالٍ يَتْرُكُهُ الرَّجُلُ لِوَلَدِهِ ، يُغْنِيهِمْ بِهِ عَنْ النَّاسِ " انتهى .
والله أعلم .
تعليق