حكم هذه العبارة : " لا يفلح قوم يأكلون مما لا يزرعون ، ويلبسون ما لا ينسجون "
ما صحة المقولة التي يكثر تداولها على أنّها حديث نبوي شريف : ( لا يفلح قوم يأكلون مما لا يزرعون ويلبسون ما لا ينسجون )؟
الجواب
الحمد لله.
هذا الكلام المذكور لا نعلم له أصلا عن النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا عن أحد من
أصحابه رضي الله عنهم ، ولا عن أحد من السلف السابقين ، ولا عن أحد من علماء
المسلمين .
ولعل المراد من هذا الكلام : الحث على العمل ، والاعتماد على النفس ، وترك الاعتماد
على الغير ، وأن نكون أمة عاملة منتجة ، لا نعتمد في شراء حاجياتنا على الأمم
الأخرى .
وهذا المعنى في ذاته صحيح ، وقد حث الإسلام على العمل والجد والإتقان فيه ، وذم
التواكل والتكاسل وترك السعي .
والاستغناء عن الغير مطلب نبيل ، فلا يكون همّ أحدنا شراء أحدث المنتجات ، وأرقى
الملابس ، ولكن ليكن الهمّ في إنتاج ذلك ، والاعتماد على أنفسنا ، وترك الاعتماد
على غيرنا .
إلا أن إطلاق الذم ، وعدم الفلاح ، على الذين يأكلون مما لا يزرعون ، ويلبسون ما لا
ينسجون ، غير صحيح ، فربما كان القوم أهل غرس وزرع ، ولا قدرة لهم على التصنيع
والإنتاج ، وربما كان العكس ، وربما اشتغل القوم بالتجارة ، أو الصيد ، أو غير ذلك
من الحرف والمهن ، وهم لا يحسنون الزراعة ، ولا النسج ، فمثل هذا لا حرج فيه ، ولا
يوصف هؤلاء بعدم الفلاح .
فمتى اعتمد القوم على أنفسهم ، وسعوا في الأرض ، يبتغون فضل الله فيما أحل لهم من
أنواع الزراعات أو الصناعات أو التجارات أو غير ذلك من المهن ، فلا حرج عليهم ، ولا
بأس بسعيهم ، دون أن نقيدهم بعمل معين ، يناط الفلاح به .
إنما يتعلق الذم بالبطالين ، الذين لا يسعون في الأرض ، أو الساعين في غير ما أحل
الله .
فمتى باشر المسلم ، أو جماعة المسلمين ، أو أهل بلد معين ، متى باشروا عملا مباحا ،
وطلبوا الرزق الحلال ، فيما أحل الله لهم من السعي ، فلا حرج عليهم فيه.
وينظر جواب السؤال رقم : (133060) .
والله تعالى أعلم .