الحمد لله.
وكان "الذي عنده علم من الكتاب ، فيما قيل ، " : رجلا من صالحي الإنس وعلمائهم ،
وليس من الجن ، وكان يعلم اسم الله الأعظم ، والمشهور أن اسمه " آصف بن برخيا " .
انظر جواب السؤال رقم : (212677) .
والذي عليه جمهور المفسرين أن هذا الرجل الصالح دعا الله عز وجل باسمه الأعظم
فاستجاب له .
قال القرطبي رحمه الله :
" أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ
آصَفُ بْنُ بَرْخِيَا، وَهُوَ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ ، وَكَانَ صِدِّيقًا
يَحْفَظُ اسْمَ اللَّهِ الْأَعْظَمِ ، الَّذِي إِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى ، وَإِذَا
دُعِيَ بِهِ أَجَابَ " .
انتهى من" تفسير القرطبي" (13/ 204) .
وانظر : " تفسير ابن عطية" (4/ 261) ، "تفسير ابن كثير" (6/ 193) .
فحملت الملائكة العرش ، وأتت به سليمان عليه السلام .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" والذي عنده علمٌ من الكتاب ، لمّا قال عفريتٌ من الجنّ لسُليمان: ( أَنَا آتِيكَ
بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وإِنِّي عَلَيهِ لقَوِيّ أَمِين قال
الَّذي عِنْدَه عِلْمٌ مِنَ الكِتَابِ أَنا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ
إِلَيْكَ طَرْفُكَ) أتته به الملائكة ؛ كذلك ذكره المفسرون عن ابن عبّاس وغيره: أن
الملائكة أتته به أسرع مما كان يأتي به العفريت " انتهى من "النبوات" (2/ 1066) .
وقد اختلف المفسرون في المقصود بـ "الكتاب" في هذه الآية ، فقيل : هو الكتاب
المنزل من الله ، التوراه أو الزبور .
وقيل : كتاب آتاه الله تعالى سليمان عليه السلام ، كان خاصا به .
وقيل: المراد بذلك الكتب التي تضمنت الحكمة ، فاكتسب منها ذلك الشخص الصلاح
والتقوى.
قال ابن عطية رحمه الله :
" دعا الذي عنده علم من التوراة، وهو الْكِتاب المشار إليه ، باسم الله الأعظم" .
انتهى من" تفسير ابن عطية " (4/ 260) .
وقال الخطيب الشربيني رحمه الله :
" (قال الذي عنده علم من الكتاب) المنزلُ ، وهو علم الوحي والشرائع .
وقيل: كتاب سليمان .
وقيل: اللوح المحفوظ .
قال البقاعي: ولعله التوراة والزبور " انتهى من "السراج المنير" (3/ 60) .
وقال ابن عاشور رحمه الله :
" أَيْ عِنْدَهُ عِلْمٌ مُكْتَسَبٌ مِنَ الْكُتُبِ ، أَيْ مِنَ الْحِكْمَةِ ،
وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْكِتَابِ التَّوْرَاةَ " .
انتهى من"التحرير والتنوير" (19/ 271)
والمقصود أن هذا الرجل كان من علماء بني اسرائيل ، يعلم الكتب التي أنزلها الله
، ويعلم الحكمة ، فدعا الله باسمه الأعظم فاستجاب له .
فلم يكن هذا الكتاب من كتب العلوم الدنيوية ، في قول عامة المفسرين ، ولا هو كتاب
يتعلم الناس منه التحكم في الأشياء ، أو تحريكها عن بعد ، كما يدعي ذلك البعض الآن
، ولا هو من هذه التوهمات ، والأماني الكاذبات بسبيل ؛ فدع عنك أخي السائل تلك
الخيالات :
خُذ ما تَراهُ وَدَع شَيئاً سَمِعتَ بِهِ * في طَلعَةِ الشَمسِ ما يُغنيكَ عَن
زُحَلِ
والله تعالى أعلم .