الحمد لله.
وقد روى الإمام أحمد (12551) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ " أَنَّ رَجُلًا قَالَ: يَا مُحَمَّدُ ، يَا سَيِّدَنَا وَابْنَ سَيِّدِنَا، وَخَيْرَنَا وَابْنَ خَيْرِنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( يَا أَيُّهَا النَّاسُ عَلَيْكُمْ بِتَقْوَاكُمْ، لَا يَسْتَهْوِيَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ، أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ ، عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ ، وَاللهِ مَا أُحِبُّ أَنْ تَرْفَعُونِي فَوْقَ مَنْزِلَتِي الَّتِي أَنْزَلَنِي اللهُ ) وصححه الألباني في "الصحيحة" (1097) .
ولا شك أن قول القائل : "
فلان في مصنعه إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون " من أعظم المبالغة في وصف شخص ما
، وتسلطه ، واقتداره على تصرفه في مكانه ؛ فإن الذي يقول للشيء كن فيكون هو الله
وحده ، وليس ذلك لأحد سواه ، لا في بيته ولا في سلطانه ، ولا في ملكه ولا بين خدمه
ولا بين أولاده وزوجاته.
وكم من مريد أمرا في سلطانه منعه الله بقدرته ومشيئته من تنفيذ ذلك الأمر ، إما
بموته ، أو بعصيان مَنْ أَمَره ، أو برجوعه عما أمر ، أو بخلاف من هو أشد منه بأسا
وقوة ، من ملك أو أمير أو ذي سلطان ، أو بغير ذلك من الأسباب التي يقدرها الله
تعالى ؛ وذلك لأن مشيئة العبد ليست مستقلة ، إنما هي تابعة لمشيئة الله تعالى ، كما
قال الله : ( وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ )
التكوير / 29 .
فقد يشاء العبد شيئا ولا يكون ، أما الله سبحانه وتعالى ، فهو وحده : الذي ما شاء
كان ، وما لم يشأ لم يكن ، الذي يقول للشيء : كن ، فيكون .
فلا يجوز لأحد أن يصف إنسانا بأنه يقول للشيء كن فيكون ، فذلك الوصف لا يكون إلا
لله عز وجل .
وقد سئل علماء اللجنة
الدائمة للإفتاء :
سمعت من بعض الناس يقول حديثا قدسيا عبارته: "عبدي أطعني تكن عبدا ربانيا يقول
للشيء: كن، فيكون"، هل هذا حديث قدسي صحيح، أم غير صحيح؟
فأجابوا : " هذا الحديث لم نعثر عليه في شيء من كتب السنة، ومعناه يدل على أنه
موضوع، إذ إنه ينزل العبد المخلوق الضعيف منزلة الخالق القوي سبحانه، أو يجعله
شريكا له، تعالى الله عن أن يكون له شريك في ملكه.
واعتقادُه شركٌ وكفر؛ لأن الله سبحانه هو الذي يقول للشيء: كن، فيكون، كما في قوله
عز وجل: (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ
فَيَكُونُ) يس/82 " .
انتهى من "فتاوى اللجنة الدائمة" (4/ 471) .
والله تعالى أعلم .