خبر لا أصل له ، في أن الأطباء إنما يأكلون أرزاقهم ، ويطيبون نفوس المرضى !!

29-06-2015

السؤال 231063


" سأل موسى ربه : أليس الشفاء من عندك؟ قال: بلى . قال: فما عمل الأطباء؟ قال: يأكلون أرزاقهم ، ويطيبون نفوس المرضى ، حتى يأتي شفائي أو قضائي " . هل هذا الكلام صحيح : أن موسى سأل ربه هذا السؤال ؟

الجواب

الحمد لله.


هذا الكلام ورد منسوبا إلى موسى عليه السلام في بعض الكتب ، ففي "إحياء علوم الدين" (4/ 285):
" روي عن موسى صلى الله عليه وسلم أنه قال: يارب ممن الداء والدواء؟ فقال تعالى: مني ، قال: فما يصنع الأطباء؟ قال يأكلون أرزاقهم ويطيبون نفوس عبادي حتى يأتي شفائي أو قضائي " انتهى .

ومجرد ذكره في "الإحياء" لا يعني أنه صحيح ، فكتاب الإحياء مليء بالأحاديث والأخبار الموضوعة ، ولذلك لا يعتمد على ما فيه من أخبار حتى تثبت صحتها .
وانظر السؤال رقم : (92781) ، والسؤال رقم : (27328).

وهذا الأثر جدير بأن يكون ضعيفا غير صحيح ، فإن مقتضاه أن التداوي لا أثر له في حصول الشفاء ، وهذا مخالف للواقع ، كما أنه مخالف للأحاديث الصحيحة التي أمرنا فيها النبي صلى الله عليه وسلم بالتداوي .

وقد قدمنا في الفتوى رقم : (147231) أن التداوي مستحب مشروع في قول جمهور أهل العلم ، وأن التداوي من تعاطي الأسباب ، وتعاطي الأسباب لا ينافي التوكل ، بل هو من التوكل .

وقصر عمل الأطباء على أنهم يأكلون أرزاقهم ، ويطيبون نفوس المرضى : غير صحيح ، فهم أيضا يأخذون بالأسباب التي نصبها الله للشفاء ، وهي ـ كغيرها من الأسباب ـ تؤثر في المسبب ، بتقدير الله لها ، وخلقه .
وقد روى الإمام أحمد (3568) عن ابن مَسْعُودٍ رضي الله عنه عن النَّبِيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال : ( مَا أَنْزَلَ اللَّهُ دَاءً إِلَّا قَدْ أَنْزَلَ لَهُ شِفَاءً ، عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ ) وصححه الألباني في "الصحيحة" (451).

وفي هذا من التوكل على الله ، ونفع المسلمين ، والسعي في رفع البلاء عنهم : ما يحمدون به ويثابون عليه ، إذا خلصت نواياهم ومقاصدهم لله .
فالشفاء من عند الله ، والله تعالى هو الشافي ، لا شافي إلا هو ، ولكنه جعل للشفاء أسبابا ، وأمر بالأخذ بها ، وجعلها سبيلا للعافية ، ومن جملة هذه الأسباب : التداوي .
والله أعلم .

مصطلح الحديث الطب والتداوي
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب