الحمد لله.
ثانيا :
وأما قول من يقول : إن النساء يأتين يوم القيامة ذكرانا ، لأن أول ما خلق الله كان
آدم ، وهو ذكر ، والله يقول : (لَقَدْ جِئْتُمُونَا فرادى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ
أَوَّلَ مَرَّةٍ): فهو قول غريب لم يقل به أحد من أهل العلم أو الفهم في دين الله ،
وإنما هو من تخرصات المتخرصين .
وقد أجمع المسلمون على أن الله تعالى يبعث الخلق جميعا ، فيدخل مؤمنهم الجنة ،
ذكرانا وإناثا ، ويدخل كافرهم النار ، ذكرانا وإناثا .
قال تعالى : (وَعَدَ اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي
مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ
عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )
التوبة/ 72 .
وقال عز وجل : (إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ
وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِ وَالصَّادِقِينَ وَالصَّادِقَاتِ
وَالصَّابِرِينَ وَالصَّابِرَاتِ وَالْخَاشِعِينَ وَالْخَاشِعَاتِ
وَالْمُتَصَدِّقِينَ وَالْمُتَصَدِّقَاتِ وَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ
وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا
وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) الأحزاب/
35 .
وليس هذا في الجنة فحسب ، كما قد يظن الجاهل ، بل حتى كذلك في موقف الحشر والحساب ،
قال عز وجل : ( يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ
بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ
تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ *
يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا
نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا
فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ
مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ)الحديد /12-13.
روى البخاري (6527) ، ومسلم
(2859) عن عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( تُحْشَرُونَ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا) قَالَتْ
عَائِشَةُ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ يَنْظُرُ
بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ؟ فَقَالَ: (الأَمْرُ أَشَدُّ مِنْ أَنْ يُهِمَّهُمْ ذَاكِ)
.
ولفظ مسلم : (يَا عَائِشَةُ الْأَمْرُ أَشَدُّ مِنْ أَنْ يَنْظُرَ بَعْضُهُمْ إِلَى
بَعْضٍ) .
فهذا دليل صريح صحيح على أن الناس يبعثون يوم القيامة على حالتهم التي كانوا عليها
في الدنيا : ذكرانا وإناثا .
والنصيحة لك الحرص على ما ينفعك من قراء تفسير مختصر للقرآن الكريم ، مثل "التفسير الميسر" ، أو " مختصر
التفسير" الصادر عن مركز تفسير ، ثم بعدهما : "تفسر السعدي" .
مع البعد عن تتبع غرائب المسائل ،
وشواذ الأقوال فإنها تضيع الأعمار ولا تنفع الإنسان.
يسر الله أمرك ، وأصلح شأنك ، ووفقك لكل خير .
والله أعلم .