الحمد لله.
وقد استدل الجمهور على ذلك ،
بما رواه مسلم (1305) عن أنس بن مالك رضي الله عنه ، قال : " لَمَّا رَمَى رَسُولُ
اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجَمْرَةَ وَنَحَرَ نُسُكَهُ وَحَلَقَ :
نَاوَلَ الْحَالِقَ شِقَّهُ الْأَيْمَنَ فَحَلَقَهُ ، ثُمَّ دَعَا أَبَا طَلْحَةَ
الْأَنْصَارِيَّ فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ ، ثُمَّ نَاوَلَهُ الشِّقَّ الْأَيْسَرَ ،
فَقَالَ: (احْلِقْ) ، فَحَلَقَهُ ، فَأَعْطَاهُ أَبَا طَلْحَةَ ، فَقَالَ : (
اقْسِمْهُ بَيْنَ النَّاسِ ) " .
جاء في " فتح الباري " لابن
حجر رحمه الله (1/ 274) :
" فَقَالَ : ( اقْسِمْهُ بَيْنَ النَّاسِ ) قَالَ النَّوَوِيُّ : فِيهِ طَهَارَةُ
شَعْرِ الْآدَمِيِّ ، وَبِهِ قَالَ الْجُمْهُورُ ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْدَنَا "
انتهى .
وقال ابن قدامة رحمه الله :
" وَشَعْرُ الْآدَمِيِّ طَاهِرٌ ؛ مُتَّصِلُهُ وَمُنْفَصِلُهُ ، فِي حَيَاةِ
الْآدَمِيِّ وَبَعْدَ مَوْتِهِ ...
لأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَرَّقَ شَعْرَهُ بَيْنَ أَصْحَابِهِ .... ثم
ذكر حديث أنس المتقدم ، ثم قال : وَرُوِيَ أَنَّ مُعَاوِيَةَ أَوْصَى أَنْ يُجْعَلَ
نَصِيبُهُ مِنْهُ فِي فِيهِ إذَا مَاتَ .
وَكَانَتْ فِي قَلَنْسُوَةِ خَالِدٍ شَعَرَاتٌ مِنْ شَعْرِ النَّبِيِّ صلى الله
عليه وسلم ، وَلَوْ كَانَ نَجِسًا لَمَا سَاغَ هَذَا ، وَلَمَا فَرَّقَهُ
النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم ، وَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُمْ يَأْخُذُونَهُ
يَتَبَرَّكُونَ بِهِ ، وَيَحْمِلُونَهُ مَعَهُمْ تَبَرُّكًا بِهِ ، وَمَا كَانَ
طَاهِرًا مِنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، كَانَ طَاهِرًا مِمَّنْ سِوَاهُ ،
كَسَائِرِهِ ; وَلِأَنَّهُ شَعْرٌ ، مُتَّصِلُهُ طَاهِرٌ ؛ فَمُنْفَصِلُهُ طَاهِرٌ
" انتهى من " المغني " (1/62) .
والله أعلم .