الحمد لله.
لا يجوز أخذ العوض في مقابل بذل المني ؛ لأن " المني" فضلةٌ غير متقوَّمة شرعاً ،
ومن شرط البيع : أن يكون المبيع مالاً متقوماً.
وقد جاء النهي الشرعي عن عَسْب الفحل ، وهو ماؤه، مع الحاجة إليه ، كما روى البخاري
(2284) عن ابن عمر رضى الله عنهما قال : (نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ
وَسَلَّمَ عَنْ عَسْبِ الفَحْلِ).
وروى مسلم (1565) عن جابر بن عبدالله قال : (نَهَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ
عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ بَيْعِ ضِرَابِ الْجَمَلِ ).
قال النووي رحمه الله : " قوله : (نهى عن ضراب الجمل ) معناه عن أجرة ضرابه ، وهو
عَسْب الفحل المذكور في حديث آخر" انتهى من " شرح النووي على مسلم " (10/230).
وقال الخطابي رحمه الله : " فعلى الناس أن لا يتمانعوا منه ، فأما أخذ الأجرة عليه
فمحرم ، وفيه قبح وترك مروءة " انتهى من " معالم السنن " (3/105) .
وقال في " مطالب أولي النهى " (3/606) : " ولا يجوز استئجار لنزو فحل للضراب ؛
لنهيه عليه الصلاة والسلام عن عسب الفحل ، متفق عليه ، والعسب إعطاء الكراء
[الأجرة] على الضراب على أحد التفاسير ..... ولأن هذا الماء لا قيمة له ، فلم يجز
أخذ العوض عنه كالميتة". انتهى.
قال ابن القيم : " وَلَوْ غَصَبَ رَجُل فَحْلًا فَأَنْزَاهُ عَلَى نَاقَته أَوْ
رَمْكَته لَكَانَ الْوَلَد لِصَاحِبِ الْأُنْثَى دُون صَاحِب الْفَحْل ؛ لِأَنَّهُ
إِنَّمَا يَكُون حَيَوَانًا مِنْ حَرْثهَا وَمَنِيّ الْأَب لَمَّا لَمْ يَكُنْ لَهُ
قِيمَة أَهْدَرَهُ الشَّارِع لِأَنَّ عَسْب الْفَحْل لَا يُقَابَل بِالْعِوَضِ "
انتهى من "تهذيب سنن أبي داود" (9/191) .
وقال ابن حجر : " وعلى كل تقدير فبيعه وإجارته حرام ؛ لأنه غير متقوم ، ولا معلوم ،
ولا مقدور على تسليمه " انتهى من "فتح الباري" (4/461) .
وإذا كان هذا الماء من الحيوان لا قيمة له شرعا، مع كونه ذا قيمة عند الناس ،
وكانوا يأخذون عليه العوض، فأولى ألا يكون لمني الآدمي قيمة .
ثم إن هذا "المني" مختلف في
طهارته ونجاسته ، والقول بنجاسته هو مذهب الحنفية والمالكية، وعلى القول بنجاسته لا
يجوز بيعه ؛ لعدم جواز بيع النجاسات ، لأنها غير متقوّمة شرعا.
وقد عرضنا هذا السؤال على شيخنا عبد الرحمن البراك حفظه الله تعالى فأفتى بتحريم أخذ
الأجرة عليه .
والله أعلم.