الحمد لله.
أولا:
نحمد الله تعالى أن وفقك وهداك للتوبة ، ونسأله أن يزيدك ثباتا وإيمانا ويقينا .
وقد قال الله تعالى : ( قُلْ يَاعِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ
لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا
إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ) الزمر/53 .
وقال تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ
) البقرة/222.
وقال تعالى : (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً
نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ
جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ يَوْمَ لَا يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ
وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ
يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ
شَيْءٍ قَدِيرٌ) التحريم/8 .
وقال تعالى : (وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا
يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ
وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ
الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ
عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ
اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا * وَمَنْ تَابَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَإِنَّهُ يَتُوبُ
إِلَى اللَّهِ مَتَابًا ) الفرقان/68-71 .
وعن أبي موسَى عبدِ اللهِ بنِ قَيسٍ الأشْعريِّ ـ رضي الله عنه ـ عن النَّبيّ ـ صلى
الله عليه وسلم ـ قَالَ: ( إنَّ الله تَعَالَى يَبْسُطُ يَدَهُ بالليلِ لِيَتُوبَ
مُسِيءُ النَّهَارِ، ويَبْسُطُ يَدَهُ بالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيلِ،
حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِها) رواه مسلم (2759) .
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (14289)
، ورقم : (46683)
.
ثانيا :
أما ما ذكرت من تهديد هذا الشاب الباغي لك بنشر صورك ، وإجباره إياك على أن تسرقي
من مال والدك ؛ فليس من شك في أن هذا التهديد بنشر الصور : هو إكراه لك على السرقة
، بل التهديد بمثل ذلك أعظم من التهديد بالضرب أو الحبس أو نحو ذلك ، بل ربما كان
أعظم على الفتاة من التهديد بقتلها ، والله يعفو عنك بمنه وكرمه .
فعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ
والنسيان وما استكرهوا عليه " .
أخرجه ابن ماجه (2045 ) وصححه الألباني في " تخريج المشكاة " (6248) .
وعلى ذلك ؛ فمن سرق مكرها ،
فليس عليه إثم ، وليس عليه أن يضمن شيئا مما سرقه مكرها ، ولا عليه أن يرده لمن
سرقه منه ، بل الإثم في ذلك كله على من أكرهه ، والضمان والمسؤولية المالية في ذلك
كله على الشخص الذي أكرهه أيضا ، لا سيما إن كان هو الذي أخذ المال ، وانتفع به ،
وليس السارق المكرَه .
قال السيوطي رحمه الله في جملة ما يبيحه الإكراه من التصرفات :
" ... السرقة . قال في المطلب: يظهر أن تلتحق بإتلاف المال ; لأنها دون الإتلاف.
قال في الخادم: وقد صرح جماعة بإباحتها، منهم القاضي حسين ؛ في تعليقه.
قلت: وجزم به الأسنوي في التمهيد " انتهى من "الأشباه والنظائر" للسيوطي (207) .
وقال الشيخ سيد سابق رحمه الله في شروط إقامة حد السرقة :
" الاختيار: بأن يكون السارق مختارا في سرقته ، فلو أكره على السرقة فلا يعد سارقا،
لأن الاكراه يسلبه الاختيار، وسلب الاختيار يسقط التكليف." انتهى من "فقه السنة"
(2/490) .
وينظر : "الفقه الإسلامي وأدلته" وهبة الزحيلي (6/4443) .