الحمد لله.
ثانيا :
لا تعارض بين الحديثين ، حتى على القول بتحسين حديث نوفل أو تصحيحه ؛ لأن الألفاظ
الدالة على الآخرية والأولية والأفضلية ونحوها ، كثيرا ما ترد في لغة العرب على غير
بابها ، فلا يراد بها الآخرية المطلقة ، وإنما الغرض أن تكون هذه الأذكار من آخر ما
يقال ، كما يقال فلان أعقل الناس ، والمراد " من أعقلهم " ونحو ذلك .
فمن ختم أذكار نومه بسورة الكافرون ثم قال " اللهم أسلمت ... " أو عكَس ، فقد حقق
الآخرية ، وامتثل الأمرين جميعا ، ولا يضره بأيهما خَتَم ، إن شاء الله .
ولذلك نجد العلماء الذين جمعوا أذكار اليوم والليلة كابن السني والنووي وعبد الرزاق
البدر في " فقه الأدعية والأذكار " وغيرهم ، نجدهم يوردون الحديثين كليهما في أذكار
النوم ، ولا يرون في إثباتهما جمعا بين متعارضين أو مختلفين .
ومما يؤيد ما ذكرنا : أنه يشرع لمن فرغ من أذكار النوم - خاتما بما شرع تأخيره - أن
لا يبقى ساكتا إلى أن يغيب في نومه ، بل يستمر في الذكر والتهليل والتسبيح إلى أن
ينام ، ولا يعد بهذا تاركا للسنة الواردة ؛ ولو كانت الآخرية في الحديث ، هي
الآخرية المطلقة ، لكان فاعل ذلك تاركا للسنة ، وهذا –والله أعلم- غير مراد .
قال ابن حجر عن قول النبي صلى الله عليه وسلم ( واجعلهن آخر ما تقول ) :
" في رواية الكشميهني : " من آخر " وهي تبين أنه لا يمتنع أن يقول بعدهن شيئا مما
شرع من الذكر عند النوم " انتهى من " فتح الباري " (1/358) .
والله أعلم .