الحمد لله.
قال الحافظ ابن حجر رحمه
الله تعالى :
" واستدل به [ يعني : حديث أبي هريرة المتقدم] على منع جميع أنواع الكلام حال
الخطبة ، وبه قال الجمهور في حق من سمعها " انتهى من " فتح الباري " (2 / 415) .
وقال ابن قدامة في "المغني"
(03/193) :
وَيَجِبُ الْإِنْصَاتُ مِنْ حِينِ يَأْخُذُ الْإِمَامُ فِي الْخُطْبَةِ ، فَلَا
يَجُوزُ الْكَلَامُ لِأَحَدٍ مِنْ الْحَاضِرِينَ ، وَنَهَى عَنْ ذَلِكَ عُثْمَانُ
وَابْنُ عُمَرَ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ : إذَا رَأَيْتَهُ يَتَكَلَّمُ ،
وَالْإِمَامُ يَخْطُبُ ، فَاقْرَعْ رَأْسَهُ بِالْعَصَا .
وَكَرِهَ ذَلِكَ عَامَّةُ أَهْلِ الْعِلْمِ ، مِنْهُمْ : مَالِكٌ ، وَأَبُو
حَنِيفَةَ ، وَالْأَوْزَاعِيُّ .
وجاء في فتاوى اللجنة
الدائمة للإفتاء " (8/243) :
"لا يجوز لمن دخل والإمام يخطب يوم الجمعة ، إذا كان يسمع الخطبة : أن يبدأ بالسلام
من في المسجد، وليس لمن في المسجد أن يرد عليه والإمام يخطب، لكن إذا رد عليه
بالإشارة جاز" انتهى .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز... الشيخ عبد الرزاق عفيفي ... الشيخ عبد الله
بن قعود.
فإذا كان المأموم في مكان
بعيد لا يسمع صوت الإمام ، فلا حرج عليه أن يذكر الله تعالى سرًّا في نفسه ، بل ذلك
خير له من السكوت .
قال ابن قدامة في "المغني" (03/197) :
"وَلِلْبَعِيدِ أَنْ يَذْكُرَ اللَّهَ تَعَالَى ، وَيَقْرَأَ الْقُرْآنَ ،
وَيُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَا يَرْفَعُ
صَوْتَهُ ، قَالَ أَحْمَدُ : لَا بَأْسَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَفْسِهِ .
وَرَخَّصَ لَهُ فِي الْقِرَاءَةِ وَالذِّكْرِ عَطَاءٌ ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ،
وَالنَّخَعِيُّ وَالشَّافِعِيُّ ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ ، وَلَا
يُذَاكِرَ فِي الْفِقْهِ ، وَلَا يُصَلِّيَ ، وَلَا يَجْلِسَ فِي حَلْقَةٍ ...
لِأَنَّهُ إذَا رَفَعَ صَوْتَهُ مَنَعَ مَنْ هُوَ أَقْرَبُ مِنْهُ مِنْ السَّمَاعِ
، فَيَكُونُ مُؤْذِيًا لَهُ ، فَيَكُونُ عَلَيْهِ إثْمُ مَنْ آذَى الْمُسْلِمِينَ ،
وَصَدَّ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى" انتهى .
وقال المرداوي في "الإنصاف"
(4/103) :
"يَجُوزُ لِمَنْ بَعُدَ عَنْ الْخَطِيبِ ، وَلَمْ يَسْمَعْهُ : الِاشْتِغَالُ
بِالْقِرَاءَةِ وَالذِّكْرِ خُفْيَةً ، وَفِعْلُهُ أَفْضَلُ نَصَّ عَلَيْهِ [يعني :
الإمام أحمد]" انتهى .
وقال ابن المنذر رحمه الله
في "الأوسط" (4/79) :
"اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي الْمَرْءِ يَذْكُرُ اللهَ فِي نَفْسِهِ ، وَهُوَ
لَا يَسْمَعُ الْخُطْبَةَ ، أَوْ يَقْرَأُ.
فَرَخَّصَتْ طَائِفَةٌ فِيهِ ...
وَكَرِهَتْ طَائِفَةٌ ذَلِكَ ...
ثم اختار القول الأول ، فقال :
"يَذْكُرُ اللهَ فِي نَفْسِهِ، وَيَقْرَأُ الْقُرْآنَ إِنْ شَاءَ" انتهى .
والله أعلم .