يعمل في شركة وأعطاه المراجع مالا ليعجل بتوفير المواد الناقصة

14-12-2016

السؤال 254739


أنا مهندس أعمل في إحدى شركات المقاولات التي تعمل مع الشركة السعودية للكهرباء ، كنت مسؤولا عن إمداد مصنع بالتيار الكهربائي ، وكانت المعاملة تنقصها بعض المواد ؛ لأنها غير متوفرة في الشركة السعودية للكهرباء المسؤولة عن إمدادي بالمواد التي تحتاجها المعاملة ، وطلب مني المشترك ( مسؤول المصنع ) إعطائه أي حل ليتمكن من تشغيل المصنع ، نظرا للعقود التي أبرمها مع مستهلكين ، وما تحتويه من شروط جزائية كبيرة عند التأخير . فقدمت للمشترك عدة حلول ، لكنها كلها لم تنجح ، فعرض على المشترك مسؤول مبلغا ماليا كبيرا ؛ لأجد له حلا ، وأوفر له تلك المواد ، وكان يطالبني بإلحاح أن أحاول أن أجلب له تلك المواد ـ يعلم الله إني لم أفكر في هذا ، وإني لم أستدرجه إلى هذه المرحلة ، بالعكس كنت أحاول أن أساعده بقدر استطاعتي ـ ونظرا لعلاقتي بأحد مسئولي المستودعات بالشركة تحدثت معه أن يجلب لي المواد من المستودع على أن أجلبها له من شركة الكهرباء حين توفرها ، وهذا يكون مقابل مبلغ مالي كما أخبرني المشترك فوافق ، ولكني لم أخبره بالمبلغ الذي عرضه علي المشترك ؛ لأنه كبير جدا ، وأخبرت المشترك أنه بإمكاني أن أوفر له المواد ، وأن أمد مصنعه بالتيار الكهربائي ، وطلبت منه مبلغا أقل بكثير من الذي عرضه علي ، لأعطيه مسؤول المستودع الذي وفر لي المواد ، ولكني أخذت نسبه من المال لنفسي أيضا أشعر بارتياب كبير حيال ذلك المال الذي أخذته لنفسي هل هو حلال أم حرام ؟ وإن كان حراما فما الذي يتوجب علي فعله ؟

الجواب

الحمد لله.



ما سألت عنه يدخل في هدايا العمال ، وهو ما يهدى إليهم من أجل وظائفهم ، وهي محرمة، والواجب على الموظف أن يقوم بعمله، وألا يأخذ شيئا من العملاء أو المراجعين أو المتعاقد معهم؛ لما روى الإمام أحمد (23090) عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ السَّاعِدِيِّ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( هَدَايَا الْعُمَّالِ غُلُولٌ ) صححه الألباني في "صحيح الجامع" (7021).
وعَنْ أَبِى حُمَيْدٍ رضي الله عنه أيضا قَالَ : " اسْتَعْمَلَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم رَجُلاً مِنَ الأَزْدِ يُقَالُ لَهُ ابْنُ اللُّتْبِيَّةِ عَلَى الصَّدَقَةِ ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ : هَذَا لَكُمْ ، وَهَذَا أُهْدِىَ لِي ، فقَالَ صلى الله عليه وسلم : ( فَهَلاَّ جَلَسَ فِي بَيْتِ أَبِيهِ أَوْ بَيْتِ أُمِّهِ ، فَيَنْظُرَ يُهْدَى لَهُ أَمْ لاَ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لاَ يَأْخُذُ أَحَدٌ مِنْهُ شَيْئًا إِلاَّ جَاءَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَحْمِلُهُ عَلَى رَقَبَتِهِ) رواه البخاري (2597) ، ومسلم (1832) .
قال النووي رحمه الله : "وفي هذا الحديث بيان أن هدايا العمال حرام ، وغلول ؛ لأنه خان في ولايته ، وأمانته ... وقد بيَّن صلى الله عليه وسلم في نفس الحديث السبب في تحريم الهدية عليه ، وأنها بسبب الولاية ، بخلاف الهدية لغير العامل ، فإنها مستحبة " .
انتهى من "شرح مسلم" (12/219) .

ومسؤول المستودع : ليس من حقه صرف تلك المواد ، ولا إقراضها ، ولا التصرف فيها ، مطلقا ، من غير إذن شركته التي ائتمنته عليها .
وإذا كان هذا الصرف نظاميا ، داخلا في حدود عمله وأمانته ، فلا يحل له أن يأخذ عليه مالا ، وما أخذه ـ لقاء ذلك ـ فهو من الغلول .

والواجب عليكما رد المال إلى المشترك ، فإن أبى أخذه ، فاستأذنا فيه شركتكما فيه ، فإن أذنت فيه أو في بعضه ، فلا حرج عليكما حينئذ.

قال الدكتور خالد المصلح: " فإذا قبل أحد منسوبي هذه الجهات الاعتبارية شيئاً من الهدايا أو الهبات التي جاءتهم بسبب عملهم فإن الواجب عليهم ردّها على من أهداها إليهم؛ لما تقدم من الأدلة ، فإن لم يتمكن من ذلك ، فإنه يعطيها للجهة أو المؤسسة أو الشركة التي أهديت إليه الهدية بسببها " انتهى من "الحوافز التجارية التسويقية" ص 120، د. خالد بن عبد الله المصلح.

ويدل على ذلك: ما روى أحمد (17717) ، وأبو داود (3581) عن عَدِيِّ بْنِ عُمَيْرَةَ الْكِنْدِيِّ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: (يَا أَيُّهَا النَّاسُ، مَنْ عُمِّلَ مِنْكُمْ لَنَا عَلَى عَمَلٍ فَكَتَمَنَا مِنْهُ مِخْيَطًا، فَمَا فَوْقَهُ فَهُوَ غُلٌّ يَأْتِي بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ) ، فَقَامَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ أَسْوَدُ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْهِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ ، اقْبَلْ عَنِّي عَمَلَكَ، قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟ ، قَالَ: سَمِعْتُكَ تَقُولُ: كَذَا وَكَذَا، قَالَ: وَأَنَا أَقُولُ: ( ذَلِكَ مَنِ اسْتَعْمَلْنَاهُ عَلَى عَمَلٍ فَلْيَأْتِ بِقَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ، فَمَا أُوتِيَ مِنْهُ أَخَذَهُ وَمَا نُهِيَ عَنْهُ انْتَهَى) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود ".

والله أعلم.

الرشوة أحكام الوظائف
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب