قول ما شاء الله في الصلاة ، إذا حدث ما يدعو إلى ذلك .

06-05-2017

السؤال 254781


حكم قول ما شاء الله أثناء الصلاة ، مثلاً أن يعجبني صوت الإمام ، أو أتذكر شيئا ؟

ملخص الجواب:

ملخص الجواب : قول المأموم في الصلاة: ما شاء الله إذا أعجبه صوت الإمام : لا تبطل به الصلاة ، ولكنه لا ينبغي في الصلاة ، والأحسن تركه ، وإن كانت الصلاة لا تبطل به .

الجواب

الحمد لله.


أولا :
لا يجوز للمسلم أن يأتي في صلاته بشيء من كلام الناس ؛ إنما هو التكبير والتسبيح والدعاء وقراءة القرآن ، وهذا أمر متفق عليه بين العلماء .

وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال : (144502) .

والكلام المبطل للصلاة هو كلام الناس .
أما ذكر الله تعالى ودعاؤه فليس من كلام الناس ، فلا يبطل الصلاة .

والذكر في الصلاة على نوعين :
الأول :
أن يكون لأمر يتعلق بالصلاة ، كسؤال الله تعالى من فضله عن مروره بآية سؤال ، والاستعاذة بالله من عذابه عند مروره بآية عذاب ، فهذا النوع قد وردت السنة باستحبابه . وانظر السؤال رقم : (96028) .

النوع الثاني :
أن يكون لأمر لا يتعلق بالصلاة ، مثل أن يعطس فيحمد الله ، أو تلدغه عقرب فيقول بسم الله ، أو يرى ما يغمه فيسترجع ، أو يبشر بما يسره فيحمد الله ، أو يسمع نهيق حمار فيتعوذ بالله من الشيطان .

ومن ذلك ما ذكره السائل : أن يعجبه صوت الإمام فيقول : " ما شاء الله تبارك الله ونحو ذلك. فمثل هذا لا يستحب في الصلاة ، وينبغي تركه . بل نص الحنابلة على كراهته ، للخلاف في إفساده للصلاة ، فاستحب تركه ، خروجا من خلاف من منع منه ، من العلماء ، أو أبطل الصلاة به .

جاء في "الموسوعة الفقهية الكويتية" (27/120) :
"َذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لاَ تَبْطُل الصَّلاَةُ بِالذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ إِلاَّ أَنْ يُخَاطِبَ كَقَوْلِهِ لِعَاطِسٍ : يَرْحَمُكَ اللَّهُ ، وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ الْخِطَابُ لِلَّهِ تَعَالَى وَلِرَسُولِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَلاَ تَبْطُل بِهِ الصَّلاَةُ .
وَأَمَّا إِذَا كَانَ الذِّكْرُ لاَ خِطَابَ فِيهِ فَلاَ تَبْطُل بِهِ الصَّلاَةُ ، كَمَا لَوْ عَطَسَ فَقَال : الْحَمْدُ لِلَّهِ . أَوْ سَمِعَ مَا يَغُمُّهُ فَقَال : إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ، أَوْ رَأَى مَا يُعْجِبُهُ فَقَال : سُبْحَانَ اللَّهِ ، أَوْ قِيل لَهُ : وُلِدَ لَكَ غُلاَمٌ فَقَال : الْحَمْدُ لِلَّهِ .
وَصَرَّحَ الْحَنَابِلَةُ بِكَرَاهَةِ ذَلِكَ ؛ لِلاِخْتِلاَفِ فِي إِبْطَالِهِ الصَّلاَةَ .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى جَوَازِ الْحَمْدِ لِلْعَاطِسِ ، وَالاِسْتِرْجَاعِ مِنْ مُصِيبَةٍ أُخْبِرَ بِهَا وَنَحْوِهِ إِلاَّ أَنَّهُ يُنْدَبُ تَرْكُهُ" انتهى .

وقال ابن قدامة رحمه الله :
" مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِتَنْبِيهِ آدَمِيٍّ، إلَّا أَنَّهُ لِسَبَبٍ مِنْ غَيْرِ الصَّلَاةِ، مِثْلُ أَنْ يَعْطِس فَيَحْمَدَ اللَّهَ، أَوْ تَلْسَعَهُ عَقْرَبٌ فَيَقُولَ: بِسْمِ اللَّهِ. أَوْ يَسْمَعَ، أَوْ يَرَى مَا يَغُمُّهُ فَيَقُولَ: (إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ) أَوْ يَرَى عَجَبًا فَيَقُولَ: سُبْحَانَ اللَّهِ.
فَهَذَا لَا يُسْتَحَبُّ فِي الصَّلَاةِ ، وَلَا يُبْطِلُهَا ، نَصَّ عَلَيْهِ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ الْجَمَاعَةِ، فِيمَنْ عَطَسَ فَحَمِدَ اللَّهَ، لَمْ تَبْطُلْ صَلَاتُهُ وَقَالَ، فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا، فِيمَنْ قِيلَ لَهُ وَهُوَ يُصَلِّي: وُلِدَ لَك غُلَامٌ. فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ ، أَوْ قِيلَ لَهُ: احْتَرَقَ دُكَّانُك ، قَالَ: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ . أَوْ : ذَهَبَ كِيسُك، فَقَالَ : لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ ، فَقَدْ مَضَتْ صَلَاتُهُ . وَلَوْ قِيلَ: لَهُ مَاتَ أَبُوك. فَقَالَ : إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ فَلَا يُعِيدُ صَلَاتَهُ.
وَذَكَرَ حَدِيثَ عَلِيٍّ حِينَ أَجَابَ الْخَارِجِيَّ، وَهَذَا قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَبِي يُوسُفَ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: تَفْسُدُ صَلَاتُهُ لِأَنَّهُ كَلَامُ آدَمِيٍّ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ أَحْمَدَ مِثْلُ هَذَا؛ فَإِنَّهُ قَالَ فِيمَنْ قِيلَ لَهُ: وُلِدَ لَك غُلَامٌ. فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ. أَوْ ذَكَرَ مُصِيبَةً، فَقَالَ: إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. قَالَ : يُعِيدُ الصَّلَاةَ.
وَقَالَ الْقَاضِي: هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ قَصَدَ خِطَابَ آدَمِيٍّ " انتهى من " المغني " (1/743) .

ويدل لذلك حديث أبي بكر لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم متأخرا وأبو بكر يصلي بالناس ، فتخلّص حتى وقف في الصف خلفه ، فأراد أبو بكر أن يستأخر فأمره أن يثبت إماما في مصلاه ، " فرفع أبو بكر رضي الله عنه يديه ، فحمد الله على ما أمره به رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك " .
ثم استأخر أبو بكر حتى استوى في الصف وتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى . أخرجه البخاري (684) ، ومسلم (421) .

فكان هذا القول من أبي بكر ذكرا لسبب خارج عن الصلاة ، وأقره عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم .

وقال ابن قدامة رحمه الله :
" وَلَنَا مَا رَوَى عَامِرُ بْنُ رَبِيعَةَ، قَالَ: "عَطَسَ شَابٌّ مِنْ الْأَنْصَارِ خَلْفَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ، حَتَّى يَرْضَى رَبُّنَا، وَبَعْدَمَا يَرْضَى مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ. فَلَمَّا انْصَرَفَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ الْقَائِلُ هَذِهِ الْكَلِمَةَ؟ فَإِنَّهُ لَمْ يَقُلْ بَأْسًا، مَا تَنَاهَتْ دُونَ الْعَرْشِ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.
وَعَنْ عَلِيٍّ، أَنَّهُ قَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنْ الْخَوَارِجِ، وَهُوَ فِي صَلَاةِ الْغَدَاةِ، فَنَادَاهُ: (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ). قَالَ: فَأَنْصَتَ لَهُ حَتَّى فَهِمَ، ثُمَّ أَجَابَهُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ: (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَلا يَسْتَخِفَّنَّكَ الَّذِينَ لا يُوقِنُونَ) احْتَجَّ بِهِ أَحْمَدُ، وَرَوَاهُ أَبُو بَكْرٍ النَّجَّادُ، بِإِسْنَادِهِ " انتهى من " المغني " (2/44) .

وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم لمن ذكر عنده ، وهو يصلي :
فأجاب " لا حرج في ذلك، إذا صليت في صلاتك فلا بأس، إذا مر ذكره صلى الله عليه وسلم صلِّ عليه، لا بأس، اللهم صل عليه، فقد جاء في الحديث الصحيح (رغم أنف امرئ ذكرت عنده فلم يصلِّ عليك) قاله جبرائيل للنبي صلى الله عليه وسلم " انتهى من موقع الشيخ على الانترنت .
http://www.binbaz.org.sa/noor/6197

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: " لو أن الإنسان عطس وهو يصلي يقول: الحمد لله.
ولو بشر بولد أو بنجاح ولد وهو يصلي يقول: الحمد لله، نعم يقول: الحمد لله ولا بأس.
وإذا أصابك نزغ من الشيطان ، وفتح عليك باب الوساوس : فتستعيذ بالله منه وأنت تصلي.

لذا نأخذ من هذا قاعدة :
وهو أن كل ذكر وجد سببه في الصلاة فإنه يقال: لأن هذه الحوادث يمكن أن نأخذ منها عند التتبع قاعدة .
لكن مسألة إجابة المؤذن، وشيخ الإسلام ابن تيمية يقول بها. أنا في نفسي منها شيء، لماذا؟ لأن إجابة المؤذن طويلة، توجب انشغال الإنسان في صلاته انشغالا كثيرا، والصلاة لها ذكر خاص لا ينبغي الشغل عنه " انتهى من " مجموع الفتاوى " (17/268) .

والخلاصة : أن قول المأموم في الصلاة: ما شاء الله إذا أعجبه صوت الإمام : لا تبطل به الصلاة ، ولا ينبغي في الصلاة ، والأحسن تركه ، وإن كانت الصلاة لا تبطل به .

وينظر جواب السؤال :(34523) .

والله أعلم .

صفة الصلاة
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب