الحمد لله.
أولا :
- يشرع للمأموم إذا غلط إمامه أو نسي قراءته أن يفتح عليه ويلقنه الصواب ، لما رواه أبو داود (907) وابن حبان – واللفظ له عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة فالتبس عليه فلما فرغ قال لأُبَيّ : ( أشهدت معنا ؟ ) قال : نعم قال : ( فما منعك أن تفتحها علي ؟ ) وصححه الألباني في "صحيح أبي داود" .
- وعلى المأمومين مراعاة عدم التلبيس على الإمام عند الفتح عليه ، فكثيرا ما يردون جميعا – وخاصة إذا أخطأ في قصار السور – فلا يتضح للإمام الأمر ، ويزداد عليه تلبيسا ، وإنما يفتح عليه من يليه من الحفظة .
- ومن تكلم في الصلاة عامدا لغير مصلحتها وهو يعلم أن ذلك محرم بطلت صلاته بالإجماع
قال شيخ الإسلام رحمه الله :
" قَدْ ثَبَتَ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ أَنَّ مَنْ تَكَلَّمَ فِي الصَّلَاةِ بِكَلَامِ الْآدَمِيِّينَ عَامِدًا لِغَيْرِ مَصْلَحَتِهَا عَالِمًا بِالتَّحْرِيمِ بَطَلَتْ صَلَاتُهُ " انتهى .
"مجموع الفتاوى" (12 / 93)
- فإذا تكلم عامدا في مصلحة الصلاة ، فللعلماء في ذلك قولان ، والراجح أنها لا تبطل بذلك قال علماء اللجنة الدائمة :
" التكلم في الصلاة لمصلحتها لا يبطلها ؛ لحديث ذي اليدين " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (5 / 435)
وينظر : "مجموع الفتاوى" لشيخ الإسلام رحمه الله (21/164) .
- ومن تكلم في الصلاة ساهيا ، أو جاهلا تحريم ذلك : لم تبطل صلاته على الصحيح أيضا ، ولا شيء عليه ؛ لما رواه مسلم رحمه الله (537) من حديث مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيِّ رضي الله عنه قَالَ : ( بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ فَقُلْتُ : يَرْحَمُكَ اللَّهُ . فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ فَقُلْتُ : وَا ثُكْلَ أُمِّيَاهْ مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إِلَيَّ ؟ فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونَنِي ؛ لَكِنِّي سَكَتُّ ) ؛ ولم يأمره النبي صلى الله عليه وسلم بالإعادة .
جاء في "الموسوعة الفقهية" (16 / 202) :
" الْجَهْل عُذْرٌ فِي حَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْمَنْهِيَّاتِ دُونَ الْمَأْمُورَاتِ ، وَالأَْصْل فِيهِ حَدِيثُ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ لَمَّا تَكَلَّمَ فِي الصَّلاَةِ ، وَلَمْ يُؤْمَرْ بِالإِْعَادَةِ لِجَهْلِهِ بِالنَّهْيِ . وَحَدِيثُ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ : حَيْثُ أَمَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعْرَابِيًّا بِنَزْعِ الْجُبَّةِ عَنْهُ وَهُوَ مُحْرِمٌ ، وَلَمْ يَأْمُرْهُ بِالْفِدْيَةِ لِجَهْلِهِ "
انتهى .
وقال علماء اللجنة الدائمة :
" الكلام المتعمد في أثناء الصلاة يبطلها ، إلا في حق الجاهل والناسي ، فإنه لا يبطلها على القول الراجح ؛ لحديث معاوية بن الحكم " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (5 / 435)
وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" إذا تكلم المسلم في الصلاة ناسيا أو جاهلا لم تبطل صلاته بذلك ، فرضا كانت أم نفلا " انتهى "مجموع فتاوى ابن باز" (11 / 157) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" كل المحرمات إذا فعلها الإنسان جاهلاً أو ناسياً أو مكرهاً فلا شيء عليه ، الرجل يتكلم في الصلاة وهو لا يدري أن الكلام فيها حرام : صلاته صحيحة " انتهى .
"اللقاء الشهري" (4 / 431) .
والخلاصة : أن هذا الإمام إذا كان تكلم بما تكلم به عامدا ، وهو يعلم أن ذلك محرم عليه في الصلاة : بطلت صلاته .
وإذا كان تكلم بما تكلم به جاهلا تحريم ذلك ، أو ناسيا ، أو سبق لسانه إلى ذلك بدون قصد : فصلاته صحيحة ، ولا شيء عليه .
قال الخطيب الشربيني رحمه الله في بيانه لما يبطل الصلاة من الكلام :
" وشرطه في الاختيار : ( العمد ) ، مع العلم بتحريمه ، وأنه في صلاة ، فلا تبطل بقليل كلام ناسيا للصلاة ، أو سبق إليه لسانه ، أو جهل تحريمه فيها .. " انتهى من" الإقناع" (1/147).
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ـ أيضا ـ : " العفوي (لا) يلام عليه الإنسان ، ولا يؤخذ به ؛ حتى لو تكلم ؛ لو أن إنساناً سقط عليه وهو يصلي حجر فقال : أح ، عفواً بدون قصد : فلا شيء عليه " انتهى . "الباب المفتوح" (رقم235/19) .
ثانيا :
صلاة المأمومين صحيحة ، لعموم قوله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يُصَلُّونَ لَكُمْ فَإِنْ أَصَابُوا فَلَكُمْ ولَهُم ، وَإِنْ أَخْطَئُوا فَلَكُمْ وَعَلَيْهِمْ ) رواه البخاري (694) .
قال شيخ الإسلام رحمه الله :
" وَأَمَّا الْإِمَامُ فَلَوْ أَخْطَأَ أَوْ نَسِيَ لَمْ يُؤَاخَذْ بِذَلِكَ الْمَأْمُومُ ، وَهَذَا مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ . وَكَذَلِكَ لَوْ فَعَلَ الْإِمَامُ مَا يَسُوغُ عِنْدَهُ وَهُوَ عِنْدَ الْمَأْمُومِ يُبْطِلُ الصَّلَاةَ ، فَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى صِحَّةِ صَلَاةِ الْمَأْمُومِ " انتهى ملخصا .
"مجموع الفتاوى" (23 / 352) .
والله تعالى أعلم .
تعليق