ورثت عائلة مكونة من 6 أفراد ،ثلاث منهم ذكور ، وثلاثة من الإناث ، ووالدتهم ،هي سابعتهم ، وكل منهم الآن متزوج ، وله أبناء ، وأيضا تزوج الأبناء ، ورثوا بيتا قديما عن والدهم الذي توفي ، وكان الأخ الأوسط فيهم مسافرا يعمل خارج البلاد ، ثم عاد ، وكان والده قد مات ، ليترك لهم البيت ، فقرر هذا الابن الأوسط هدم البيت القديم وبناءه من جديد ، وقد حدث فعلا ، وبنى البيت ، ووسعه بنصف قيراط من الأرض ، التي هي حق لأمهم في الأساس ، وهي موافقة على هذا، ورفع أعمدة الدور الثاني ـ بمعنى : أنه بنى الدور الأرضي وأعمدة الدور الثاني ـ ، واستمر الحال على هذا حتى جاء أخوه الأصغر وأكمل بناء الدور الثاني ليتزوج فيه ، ويعيش مع أمهم التي تبلغ الآن من العمر حوالي 93 عاما ، والآن هناك خلاف قائم على أرائهم جميعا :
الرأي الأول : أن البيت لمن بنى ، ويجب على كل الأخوة والأم التوقيع على عقد لأخيهم الأوسط كعقد بيع وشراء ، أو تنازل عن حقهم في هذا البيت القائم الآن .
الرأي الثاني : أرضية البيت التي بني عليها هي حق مكتسب للجميع بما أنها إرث ، لذلك من حق الجميع أن يبني فوق الدور الثاني ، ويكون لكل واحد فيهم شقة مثلا يبنوها بأنفسهم ، ويبقى هذا المنزل بدون تقسيم ، أو أخذ لحق الميراث فكل شخص قد أخذ حقه عن طريق أنه يسمح له بالبناء فوق الدور الثاني .
الرأي الثالث : يتم هدم البيت إلى أساسه ثم يتم التقسيم من جديد للجميع على حسب ديننا وكل في هذا برأي .
فما رأي ديننا الحنيف في هذه المسألة مع إيضاح موقف الآراء الثلاثة من ناحية الشرع ؟
الحمد لله.
أولا:
الأرض التي كان عليها البناء ملك لجميع الورثة ( وهم هنا : الأولاد ذكورا وإناثا ،
وأمهم).
والأرض التي للأم ، وهي نصف
قيراط، إن كانت سمحت بالبناء فوقها دون أن تملِّكها لأحد، فهي باقية على ملكها.
وإن كانت وهبتها لأولادها، فهي ملك للأولاد (ذكورا وإناثا)، ويكون للذكر مثل حظ
الأنثيين .
ثانيا:
إذا كان الابن الأوسط قد هدم وبنى بإذن إخوته ، فما بناه ملك له، وكذلك ما بناه
الأخ الأصغر يكون ملكا له، وهما يملكان هذا البنيان قائما (دون حصة من الأرض في
المبنى القائم).
فلهما قيمة هذا البنيان، ثم
يشتركان مع بقية الورثة في الأرض.
قال الماوردي رحمه الله: "
قال الشافعي رحمه الله تعالى: وإذا أعاره بقعة يبني فيها بناء ، لم يكن لصاحب
البقعة أن يخرجه حتى يعطيه قيمة بنائه قائما ، يوم يخرجه " .
انتهى من "الحاوي الكبير" (7/ 296).
ثالثا:
يمكن تقسيم هذا البيت بعدة طريق:
1-أن يمكّن كل وارث من البناء فوق البيت إن كان الأمر يتسع لذلك ، ولم يكن تفاوت
قيمة كل دور : بينا ، مؤثرا ، إلا أن يتراضوا عليه .
2-أن يباع البيت، ويعطى الأخوان قيمة بنيانهما بسعر اليوم، أي أن يقوم بنيان الدور
الأرضي مع أعمدة الثاني، ويقيم بقية الدور الدور الثاني، وكلاهما يقوم بنيانا فقط
دون أرض.
ثم يقسم الباقي على جميع الورثة.
3-أن يتراضى الورثة على أن يأخذ البيت أحدهم، فيقيم البيت، ويعطى قيمة البنيان
لبانيه، كما سبق، ويدفع الباقي لجميع الورثة دون حصته هو.
ولو تراضى الورثة وهم بالغون
راشدون على قسمة أخرى، فلا حرج؛ إذ الأمر إليهم.
والله أعلم.