كفالة اليتيم إذا كان ميسور الحال .

23-04-2017

السؤال 256010

هل اجر السعي علي الارمله واليتيم لكل اجره او تجمع للارملخ او اليتيم ارغب بفتح مشروع لام ايتام من مالي الخاص هل يعتبر كفاله دائمه لليتيم ووالدته وهل يشترط ان تكون الارمله واليتيم فيه امس الحاجه للمال حتا لو كانو ميسورين هل يحتسب نفس الاجر وشكرا

الجواب

الحمد لله.

أولا : تجوز صدقة التطوع على الغني، ويثاب المتصدق عليها .

قال ابن قدامة رحمه الله :

"وَكُلُّ مَنْ حُرِمَ صَدَقَةَ الْفَرْضِ مِنْ الْأَغْنِيَاءِ، وَقَرَابَةِ الْمُتَصَدِّقِ، وَالْكَافِرِ، وَغَيْرِهِمْ : يَجُوزُ دَفْعُ صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ إلَيْهِمْ ، وَلَهُمْ أَخْذُهَا" انتهى من "المغني" (4/114) .

وقال النووي رحمه الله :

"تحل صدقة التطوع للأغنياء بلا خلاف ، فيجوز دفعها إليهم ، ويثاب دافعها عليها . ولكن المحتاج أفضل" انتهى من "المجموع" (6/236) .

وبناء على هذا ؛ فمن تصدق على امرأة لا زوج لها ، وعلى أيتام : فهو مثاب على هذه الصدقة، وله أجر عليها ، ولو كانت المرأة والأيتام أغنياء .

والصدقة على الأيتام مرغب فيها ، وفيها أجر كبير ولو كانوا أغنياء ، قال تعالى : ( قُلْ مَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ ) البقرة : 212 .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

"يجب أن نعلم أن الزكاة ليست للأيتام ، الزكاة للفقراء والمساكين وبقية الأصناف ، واليتيم قد يكون غنيًّا ، قد يترك له أبوه مالاً يغنيه ، وقد يكون له راتب من الضمان الاجتماعي أو غيره يستغني به .

ولهذا نقول : يجب على ولي اليتيم ألا يقبل الزكاة، إذا كان عند اليتيم ما يغنيه .

أما الصدقة فإنها مستحبة على اليتامى وإن كانوا أغنياء " انتهى ، من "مجموع فتاوى ابن عثمين" (18/307) .

ثانيا :

روى البخاري (5038) ومسلم (2982) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (السَّاعِي عَلَى الْأَرْمَلَةِ وَالْمِسْكِينِ كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ، أَوْ الْقَائِمِ اللَّيْلَ ، الصَّائِمِ النَّهَارَ) .

والنبي صلى الله عليه وسلم إنما ذكر هنا الأرملة والمسكين ، ولم يذكر اليتيم .

وإنما ورد ذكر اليتيم في أحاديث أخرى ، منها :

قوله صلى الله عليه وسلم : (وَأَنَا وَكَافِلُ الْيَتِيمِ فِي الْجَنَّةِ هَكَذَا - وَأَشَارَ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى وَفَرَّجَ بَيْنَهُمَا شَيْئًا) رواه البخاري ( 4998 ) من حديث سهل بن سعد ، ورواه مسلم ( 2983 ) من حديث أبي هريرة بلفظ قريب .

والمراد بالأرملة : المرأة الفقيرة التي لا زوج لها .

والمراد بالسعي عليها : الإنفاق عليها، والقيام بأمرها .

قال النووي رحمه الله في "شرح صحيح مسلم" (9/366) :

"قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( السَّاعِي عَلَى الْأَرْمَلَة وَالْمِسْكِين كَالْمُجَاهِدِ فِي سَبِيل اللَّه)

الْمُرَاد بِالسَّاعِي الْكَاسِب لَهُمَا : الْعَامِل لِمَئُونَتِهِمَا .

وَالْأَرْمَلَة مَنْ لَا زَوْج لَهَا ، سَوَاء كَانَتْ تَزَوَّجَتْ أَمْ لَا ، وَقِيلَ : هِيَ الَّتِي فَارَقَتْ زَوْجهَا . قَالَ اِبْن قُتَيْبَة : سُمِّيَتْ أَرْمَلَة لِمَا يَحْصُل لَهَا مِنْ الْإِرْمَال ، وَهُوَ الْفَقْر وَذَهَاب الزَّاد بِفَقْدِ الزَّوْج ، يُقَال أَرْمَلَ الرَّجُل إِذَا فَنِيَ زَاده" انتهى .

قَالَ الْقَارِي في "مرقاة المصابيح" (7/2001) تعليقا على كلام النووي : "وَهَذَا مَأْخَذٌ لَطِيفٌ فِي إِخْرَاجِ الْغَنِيَّةِ مِنْ عُمُومِ الْأَرْمَلَةِ ، وإِنْ كَانَ ظَاهِرُ إِطْلَاقِ الْحَدِيثِ يَعُمُّ الْغَنِيَّةَ وَالْفَقِيرَةَ" انتهى .

وقَالَ الطِّيبِيُّ : "وَإِنَّمَا كَانَ مَعْنَى السَّاعِي عَلَى الْأَرْمَلَةِ، مَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَدَّاهُ بِعَلَى، مُضَمِّنًا فِيهِ مَعْنَى الْإِنْفَاقِ" انتهى من "تحفة الأحوذي" .

وفي "تاج العروس" (29/101) :

"أَرْمَلَتِ الْمَرْأَةُ : صارتْ أَرْمَلَةً مِن زَوْجِها ، ولا يكونُ إلا مع حَاجَةٍ ، كما في الأَساسِ" انتهى . 

والحاصل :

أن المراد بـ"الأرملة" هنا ، فيما يظهر : الفقيرةُ ، خاصةً ، ممن لا زوج لها ، وهي التي تحتاج إلى من "يسعى عليها" ، ويقوم بشأنها ؛ دون من لم تكن ذلك ، ممن هي مكفية بنفسها ، أو مالها ، أو من يقوم بشأنها .

وأما كفالة اليتيم: فتشمل الإنفاق عليه، وتربيته، وتعليمه، والقيام على مصالحه، وحفظ ماله  .

قال النووي رحمه الله في "شرح صحيح مسلم" (9/367) :

"(كَافِل الْيَتِيم) الْقَائِم بِأُمُورِهِ مِنْ نَفَقَة وَكِسْوَة وَتَأْدِيب وَتَرْبِيَة وَغَيْر ذَلِكَ ، وَهَذِهِ الْفَضِيلَة تَحْصُل لِمَنْ كَفَلَهُ مِنْ مَال نَفْسه ، أَوْ مِنْ مَال الْيَتِيم بِوِلَايَةٍ شَرْعِيَّة" انتهى .

ويرجى لمن أنفق على يتيم -ولو كان غنيا- أن ينال ثواب كفالته ، وذلك لما سبق من أن الشرع رغب في الإنفاق على اليتيم والصدقة عليه – وإن كان غنيا – لأنه ليس المقصود من ذلك مجرد سد حاجته بالمال ، وإنما المراد العطف عليه ورحمته وتعويضه عن فقده أباه .

قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في تفسير قوله تعالى في سورة الفجر : (كَلَّا بَلْ لا تُكْرِمُونَ الْيَتِيم) الفجر/17.

قال : "واليتيم يشمل الفقير من اليتامى والغني، يعني: حتى الغني من اليتامى ينبغي الإحسان إليه وإكرامه؛ لأنه انكسر قلبه بفقد أبيه ومن يقوم بمصالحه، فأوصى الله تعالى به حتى يزول هذا الكسر الذي أصابه" انتهى .

وقد ذكر بعض العلماء أن مما يدخل في معنى "كفالة اليتيم" : تنمية ماله .

قال الذهبي رحمه الله في "الكبائر" (ص 65) - هي: "القيام بأموره، والسعي في مصالحه، من طعامه، وكسوته، وتنمية ماله إن كان له مال، وإن كان لا مال له أَنفق عليه، وكساه ابتِغاء وجه الله تعالى" انتهى .

والإنفاق عليه في معنى تنمية ماله ، فإن المنفق يحفظ لليتيم ماله كاملا ، حتى إذا كبر وجده ، ولو أنفق عليه من ماله لربما فني المال ، فيكبر اليتيم ولا مال له .

وبناء على هذا ؛

فإذا تصدقت على أرملة، وعلى أولادها اليتامى: كان لك أجر السعي على الأرملة، وأجر كفالة اليتيم ، إن شاء الله .

فإن كانت الأرملة غنية : فلك أجر على الصدقة والإحسان إليها ، والقيام على شأنها ، على كل حال.

وينظر السؤال رقم (82673) .

والله أعلم .

فضائل الأعمال
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب