معنى "تعالى جدك"

23-04-2017

السؤال 257583

وصلني اليوم رسالة تقول بالنص: "أن أغلب المصلين يخطئون في دعاء الاستفتاح فيقولون "وتعالى جَدُك" بفتح الجيم وهذا خطأ كبير، لأن الله سبحانه وتعالى لا والد له ولا ولد ولا جد !.، والصحيح قول "جِدُك" بكسر الجيم ومعناها العظمة لله. "ما صحة هذا الكلام؟ وما الصحيح في القول جَدك أم جِدك؟

ملخص الجواب:

الجواب

الحمد لله.

رأي العلماء في ضبط كلمة "جدك"

روى مسلم في صحيحه (399) أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ، كَانَ يَجْهَرُ بِهَؤُلَاءِ الْكَلِمَاتِ يَقُولُ: سُبْحَانَكَ اللهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، تَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ.

وقد روي ذلك مرفوعا، وموقوفا على عمر، وغيره من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

وينظر: "السنن" للدارقطني (2/58) وما بعدها. سلسلة الأحاديث الصحيحة (2996)، وصفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم (ص93) للألباني رحمه الله.

وقد ضبط العلماء من أهل الحديث والفقه واللغة وغيرهم (الجَدّ) هنا بفتح الجيم، ولم يذكروا غيره.

معنى "تعالى جدك"

و(الجَدُّ) هو العظمة. فمعنى الحديث: تعالت عظمتك.

"وقوله في دعاء الاستفتاح: (وتعالى جدك) مفتوح الجيم، أي ارتفعت عظمتك. وقيل: المراد بالجد: الغنى، وكلاهما حسن، ولم يذكر الخطابي إلا العظمة، ومنه قوله تعالى إخبارًا عن الجن: (وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا) (الجن/3) أي عظمته" انتهى.

"و(جد) بفتح الجيم، العظمة والحظ والسعادة والغناء، وتعالى: تعاظم، جاء على بناء السعة والمبالغة، فدل على كمال العلو ونهايته، أي: علا جلالك، وارتفعت عظمتك، وجلت فوق كل عظمة، وعلا شأنك على كل شأن، وقهر سلطانك كل سلطان" انتهى.

أمثلة لاستخدام كلمة "جد" في القرآن والسنة

وقد تكررت هذه الكلمة (جَد) بفتح الجيم في القرآن الكريم، والسنة النبوية.

قال السعدي رحمه الله (ص890): أي: تعالت عظمته، وتقدست أسماؤه" انتهى.

وقال القرطبي رحمه الله (19/8): "(جد ربنا) أي: عظمته وجلاله" انتهى.

معنى "ولا ينفع ذا الجد منك الجد"

قال العلماء أي: لا ينفع ذا الحظ والغنى والجاه، منك: حظُّه، وغناه، وجاهه.

"والجد -بفتح الجيم- المراد به في هذا الحديث: الغنى، والمعنى: لا ينفع ذا الغنى منك غناه.." انتهى من "فتح الباري لابن رجب" (7/417).

"وَقَوْله: (ذَا الْجَدّ) الْمَشْهُور فِيهِ فَتْح الْجِيم، هَكَذَا ضَبَطَهُ الْعُلَمَاء الْمُتَقَدِّمُونَ وَالْمُتَأَخِّرُونَ.

قَالَ اِبْن عَبْد الْبَرّ: وَمِنْهُمْ مَنْ رَوَاهُ بِالْكَسْرِ. وَقَالَ أَبُو جَعْفَر مُحَمَّد بْن جَرِير الطَّبَرِيّ: هُوَ بِالْفَتْحِ، قَالَ: وَقَالَهُ الشَّيْبَانِيُّ بِالْكَسْرِ، قَالَ: وَهَذَا خِلَاف مَا عَرَفَهُ أَهْل النَّقْل، قَالَ: وَلَا يَعْلَم مَنْ قَالَه غَيْره.

وَضَعَّفَ الطَّبَرِيّ وَمَنْ بَعْده الْكَسْر، قَالُوا: وَمَعْنَاهُ - عَلَى ضَعْفه -: الِاجْتِهَاد، أَيْ لَا يَنْفَع ذَا الِاجْتِهَاد مِنْك اِجْتِهَادُه، إِنَّمَا يَنْفَعهُ وَيُنْجِيه: رَحْمَتُك.

وَقِيلَ: الْمُرَاد: ذَا الْجَدّ وَالسَّعْي التَّامّ فِي الْحِرْص عَلَى الدُّنْيَا.

وَقِيلَ: مَعْنَاهُ الْإِسْرَاع فِي الْهَرَب، أَيْ لَا يَنْفَع ذَا الْإِسْرَاع فِي الْهَرَب مِنْك هَرَبَهُ، فَإِنَّهُ فِي قَبْضَتك وَسُلْطَانك.

وَالصَّحِيح الْمَشْهُور: الْجَدّ بِالْفَتْحِ، وَهُوَ الْحَظّ وَالْغِنَى وَالْعَظَمَة وَالسُّلْطَان، أَيْ لَا يَنْفَع ذَا الْحَظّ فِي الدُّنْيَا بِالْمَالِ وَالْوَلَد وَالْعَظَمَة وَالسُّلْطَان، مِنْك: حَظّه؛ أَيْ لَا يُنْجِيه حَظّه مِنْك، وَإِنَّمَا يَنْفَعهُ وَيُنْجِيه الْعَمَل الصَّالِح، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: الْمَال وَالْبَنُونَ زِينَة الْحَيَاة الدُّنْيَا وَالْبَاقِيَات الصَّالِحَات خَيْر عِنْد رَبّك " انتهى.

وبهذا يتبين أن ضبط الحديث (وتعالى جَدُّك) بفتح الجيم، قولا واحدا، وهو العظمة.

هل يجوز كسر الجيم في "جدك"؟

ولا يصح أن يقال بكسر الجيم (جِدُّك) فإن في هذا تحريفا لكلام الرسول صلى الله عليه وسلم، فإنه صلى الله عليه وسلم قاله بالفتح، ولم يذكر أحد من العلماء – بعد البحث – وجها آخر في ضبط الحديث.

ولأنه بالكسر يتغير معنى الحديث، فالجِدُّ بالكسر هو الاجتهاد في العمل، وضد الهزل، وهذا المعنى غير مراد من الحديث.

أهمية التثبت من صحة الأحاديث قبل نشرها

والواجب على من أراد أن ينبه الناس على خطأ يقعون فيه: أن يتأكد من صحة الكلام قبل نشره، لاسيما إذا كان الأمر يتعلق بالأحكام الشرعية والأحاديث النبوية، حتى لا يقع في الكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم من حيث لا يشعر، وحتى لا ينهى عن الصواب ويأمر بالخطأ، فيكون من الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً الكهف/104.

للحصول على مزيد من المعلومات، نوصي بمراجعة الإجابات التالية: (65847، 85229).

والله أعلم.

شروح الأحاديث صفة الصلاة
عرض في موقع إسلام سؤال وجواب